تداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي خبرًا يزعمون فيه أن بعثة علمية اكتشفت عظام لهياكل جيش فرعون في البحر الأحمر…
فما صحة هذا الخبر؟ وما رأي الخبراء فيه؟
الجواب في المقال الآتي…
نص الادعاء (من دون تصرّف):
الادعاء عام 2020
“( قل صدق الله )
استطاعت بعثة علمية من جامعة القاهرة، بمصر العثور على بقايا هياكل عظمية بشرية، وصل عددها إلى 400 هيكل في مياه البحر الأحمر شرق مصر،
حيث عثرت البعثة المكونة من علماء أثار مصريين في أسفل خليج السويس على بعد 1.5 كيلو متر من شاطئ مدينة رأس غارب،
أثناء البحث عن بقايا سفن من العصر الحجري والبرونزي على بقايا هياكل عظمية، بالإضافة لمعدات وأسلحة، تعود إلى جنود من العصر الفرعوني.
ومن جانبه، فقد قال رئيس البعثة الدكتور “محمد عبد القادر”، أن تلك الهياكل العظمية تعود إلى جنود من العصر الفرعوني،
وهذا ما تأكده قصة سيدنا موسى وهروبه من فرعون وجنوده، والتي حكى عنها القرآن الكريم في أكثر من موضع.
كما قال الفريق البحثي، أن المنطقة المحيطة تحوي العديد من الهياكل العظمية تصل إلى 5000 ألاف
هيكل، وهو مايثبته القرآن علميا وتاريخياًً”
نشر الادعاء صفحة معلومة على الماشي بتاريخ 26/11/2020 وحصد 22 مشاركة و163 تفاعل حتى تاريخ إعداد المقال في 30/11/2020
كما نُشر الادعاء في عام 2020 في عدة صفحات هنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا وأيضًا هنا.
تسلسل نشر الادعاء قبل عام 2020:
بدأ نشر الادعاء عام 2014 ومن قبل صفحات إخبارية موثقة مثل صفحة Jbc News تحت العنوان التالي دون تفاصيل:
الآثار المصرية تعلن اكتشاف جنود فرعون الذين غرقوا في عهد ” موسى “
تكاثف نشر الخبر مرة أخرى عام 2017 من قبل صفحات إخبارية موثقة بشكل أكبر مثل صفحة RT Arabic التي نشرته بالصيغة التالية:
تواصل انتشار الادعاء عام 2018 وعلى شكل فيديو أيضًا وعام 2019 أيضًا على مقاطع فيديو وصولًا لعام 2020.
نُشر الفيديو على منصة يوتيوب ومنصة تويتر أيضًا من قبل صفحات إخبارية هنا وهنا.
لم يتم العثور على جيش فرعون الغارق في البحر الأحمر ومصدر الخبر هو صفحة ساخرة
من خلال البحث في محرك جوجل عن عثور علماء الآثار على عظام جيش فرعون في البحر الأحمر باللغة الانجليزية وصلنا إلى نتائج عديدة منها
موقع وجدنا مقال نشره في عام 2018 حول معلومات انتشرت عن اكتشاف أدلة على
خروج نبي الله موسى مع قومه ووجود بقايا جيش فرعون في البحر الأحمر،
ذكرت وكالة المعلومات الواردة في الادعاء فردت عليها في بريد إلكتروني
أنها تواصلت مع جامعة القاهرة للاستفسار حول إنه ليس لديها أستاذ باسم محمد عبدالقادر ولم تشارك في أي حفريات في البحر الأحمر.
أشار الموقع أن الصور التي رافقت الادعاء تم أخذها من مقال لقناة ناشونال جيوغرافيك عن اكتشاف هياكل في مغارة في المكسيك.
وبالبحث في الموقع الرسمي لوزارة الآثار المصرية نجد أنه لا وجود لبعثة بهذه التفاصيل،
أرشد البحث السابق إلى موقع Snopes الذي أكد أن مصدر الخبر الذي رافق هذه المعلومات هو موقع ساخر وليس مصدرًا للمعلومات التاريخية الموثوقة
وهو موقع World News Daily Report الذي نشره عام 2014 كما وقعنا على أحد الادعاءات المنشورة على فيس بوك
عن هذا الادعاء عام 2014 وقد وضع هذا الموقع كمصدر للمعلومات دون وضع رابط،
أشار المقال أن الموقع ربما اقتبس هذه الخرافة من مزاعم زائفة نُشرت قبل سنوات عن اكتشاف بقايا عجلات وعظام في البحر الأحمر،
للوصول لهذا الموقع قمنا ببحث آخر في جوجل باستعمال اسم الموقع في البحث لنجد المقال الذي استعملته المواقع الأخرى لنشر الادعاء
مقارنات بين الادعاء الرئيسي ومقال الموقع الساخر
ذكر الموقع والادعاء كذلك أن الاكتشاف وُجد في خليج السويس في شاطئ مدينة رأس غارب وأن البعثة من قبل جامعة القاهرة التي نفت الخبر كما ذكرنا سابقًا
ادعى الموقع أن اسم الدكتور عبد محمد عبدالقادر أمّا في الادعاء محمد عبدالقادر ونفت الجامعة بالكلية وجود أستاذ لديها بهذا الاسم
تشابه الموقع والادعاء في ذكر تفاصيل أنه تم الكشف عن آلاف الهياكل التي وصل عددها ل5000 بعد المزيد من البحث والعربات التي يبدو أنه قضي عليها بموجة مد كما في قصة جيش فرعون الذي غرق مع جنوده.
في آخر الموقع ذُكر من قبل الموقع نفسه بشكل صريح أن المعلومات الواردة فيه هي معلومات خيالية
وأنه موقع ساخر يتحمل المسؤولية عن القصص التي ينشرها وأن أي تصادف بين الواقع وبين القصص المذكورة فيه هو مجرد معجزة!
الوسائط المستخدمة في الادعاءات تعود لمقالات أخرى
وعند إجراء بحث باستخدام اسم موقع ناشونال جيوغرافيك لنتأكد من هذه الصورة التي استخدمها هذا الموقع الساخر واستخدمت أيضًا في الادعاءات
وجدنا أنها فعلًا صورة تعود لموقع ناشونال جيوغرافيك نُشرت عام 2014 في مايو عن اكتشاف أقدم هيكل عظمي كامل من نوعه تم العثور عليه على الإطلاق،
يعود تاريخه إلى أكثر من 12000 عام، أما الصورة فتعود حقوق نشرها لموقع ناشونال جيوغرافيك في كهف
غمرته المياه في المكسيك وينقل الغواصون فيه الجمجمة لإجراء مسح ضوئي ثلاثي الأبعاد لها.
أما الصور المستخدمة في صور الادعاء المنشورة حديثًا فبعد إجراء بحث عكسي بالصور في جوجل وجدنا أنها تعود لعام 2012
في مقال نشره موقع CBS وذكر أن الصورة تعود حقوقها لوكالة AP وهي صورة نشرها المعهد الوطني المكسيكي للأنثروبولوجيا والتاريخ (INAH)
لعلماء آثار مكسيكيون عثروا على دفن بشري غير مسبوق يحيط به هيكل عظمي لامرأة شابة محاط بأكوام من 1789 عظمة بشرية في تمبلو مايور في مكسيكو سيتي.
بناءً على ما سبق قرر فريق فتبينوا تصنيف الادعاء على أنه زائف؛ لإنه يحتوي معلومات زائفة تمامًا لم يتم الإعلان عنها من قبل وزارة الآثار المصرية وتستند إلى مصادر غير مؤهلة.
هل تم اكتشاف عظام جيش فرعون فعلًا؟
عام 1993 ادعى شخص يسمى رون وايت أنه تم اكتشاف عظام وعجلات عربة مصرية في البحر الأحمر،
مما يثبت قصة الخروج وعبور البحر الأحمر في الكتاب المقدس الإنجيل، نُشر الخبر من خلال رسالة إخبارية نشرتها أبحاث وايت الأثرية
لكن الكثير من المواقع المختصة بعلم الكتاب المقدس والمواقع التاريخية وعلماء الآثار المحترفين انتقدوا هذا الشخص لعدم أهليته العلمية والتاريخية وعدم الأخذ بأي من اكتشافاته
فقد كان يعمل ممرضًا وطبيب تخدير في مستشفى في ماديسون بولاية تينيسي، وقد توفي عام 1999.
سافر فريق من الباحثين بقيادة العالم السويدي الدكتور لينارت مولر عام 2001 على خطى وايت للبحث في البحر الأحمر
زعموا أنهم عثروا على آثار قديمة تعود للجيش الغارق، جادل هذا العالم في كتابه الصادر عام 2002 The Exodus Case أن هناك ثروة من الأدلة لدعم نظريته،
رغم أن هذا العالم السويدي يعمل أستاذًا للطب البيئي في قسم العلوم الحيوية في Karolinska Institutet، إحدى أكبر الجامعات الطبية في أوروبا والمركز الرئيسي في السويد للتدريب والبحث الطبي
ذكرت مراجعة قام بها عالم الآثار السويدي مارتن روندكفيست أن مولر يؤكد أنه ليس عالمًا لاهوتيًا أو مؤرخًا أو عالم آثار
ولا يمكن الأخذ بتكهناته في عالم الآثار كما انتقده العديد من المؤرخين حول منهجه وأسلوبه.
اقرأ أيضًا: