مقدمة عن العلاج باستخدام الابر الصينيّة!
في عصر التكنولوجيا والتقدم الحديث في مجالات الطب والعلوم، ما زلنا نسمع بطرق بديلة للعلاج قد تبدو لنا للوهلة الأولى مسببة للضرر أكثر، إلا أنها منتشرة وبشكل كبير بين الناس خاصة في المناطق التي يكثر فيها ثقافة الطب الشعبيّ أو ما يعرف بالطب البديل، وهذا يقودنا إلى سؤال
ما هو الطب البديل؟
وكيف يعد مختلفا عما يمارسه الأطباء في المراكز الصحية و في المستشفيات؟
الطب البديل:
أنه ممارسات غير مستندة إلى دليل علمي؛ أي لم يخضع لتجارب مخبرية تحكمها ضوابط البحث العلمي و بالتالي فإن الدليل الوحيد على فعاليته هي آراء الممارسين له و الذين خضعوا للعلاج به، وفي كلا الحالتين لا يمكننا اعتماد ذلك كدليل على فعاليته، إذ أنّ من مصلحة المعالج أن يروج لخدماته على أنها تشفي من الأمراض وتساعد في التخلص من الأعراض.
أمّا عن المرضى فيتأثرون بالكثير من العوامل التي تتحكم برأيهم دون ادراكهم بذلك .
ناقشنا في مقالة سابقة أن للعلاج الوهمي أو ما يعرف بالPlacebo تـأثير كبير على تقبّل المريض للعلاج وتفاعله معه، ويعد هذا المفهوم من أكثر المفاهيم المنتشرة لتفسير المفعول السحريّ للعلاج بالإبر الصينية.
في دراسة ضمّت مجموعتين من الناس، خضعت المجموعة الأولى للعلاج بالإبر، أما المجموعة الثانية فتم إخبارهم بأنهم سوف يتلقون العلاج دون أن يخضعوا له بالفعل، و كانت النتائج مشابهة في المجموعتين.
لقد أختفى الألم فعلا لمجرد الإيمان بأن العلاج فعّال!
ولكن هل يمكن تفسير هذه النتائج بطريقة علمية أيضًا؟
يقوم أساس العلاج بالإبر الصينية على الاعتقاد بوجود مسارات من الطاقة أو meridians في جسم الإنسان، حيث أنّ حدوث خلل معين في هذه المسارات يعدّ سببًا في حدوث الأمراض.
تقوم مبدأ الوخز بالإبر في المناطق المعينة على اعادة فتح هذه المسارات و تخفيف الأعراض الذي يشكي منها المريض.
يقسم الجسم إلى 365 منطقة، وقد يختلف العدد حسب المذهب المتبع في العلاج، إذ على الرغم من اعتقاد الناس بأن الطريقة صينية الأصل، إلا أن اليابانيين، والأوروبيين والكوريين والعديد من الشعوب الأخرى قد استخدمت هذه الطريقة.
يفسّر بعض الأطباء أنّ التأثير الفعال لتخفيف الألم هو نتيجة لزيادة التروية للمنطقة التي تعرضت للوخز بالإبر، لكنّ المثير للاهتمام أن هذه النتيجة قد تنتج باستخدام أي مؤثر آخر غير الإبر مثل تيار كهربائي مخفف مثلا، أو حتى تدليك المنطقة المصابة، و من هنا يبطل ادعاء المعالجين بالإبر الصينية بأن الإبر توضع في مناطق معينة ومدروسة من الجسم، إذ أننا سنحصل على النتيجة نفسها باستثارة المستقبلات الحسية في أي منطقة اخرى من الجسم.
وبطبيعة الحال فإن ألم الوخز يشتت عقل الإنسان عن الألم الأصلي الذي يشعر به، أي أنك لو طرقت اصبعك بمطرقة بالتأكيد ستنسى وجع الرأس الذي كنت تشكو منه منذ الصباح!
تنتشر أيضا الكثير من الأخبار التي تعرض لنا عمليات جراحية كبرى استخدم فيها الوخز بالإبر لتخدير المريض، وفي الحقيقة هذه الحالات قد استخدمت فيها أدوية حديثة و أجهزة متقدمة للتخدير، والمرجح بالأمر أن الإبر كانت طريقة إضافية على التخدير الأساسيّ، أو أنها استخدمت بعد انتهاء العملية.
الكثير من الدراسات التي أجريت على الوخز بالإبر كانت لباحثين يؤمنون بفعاليتها، وهذا يجعلها ذات مصداقية هشّة و مشكوك فيها، غير أن الدراسات التي كانت على مستوى عالٍ من الدقة لم تجد أية فوائد خاصة لهذا النوع من العلاج بالذات، بل أنّ بعضها خص فعاليتها بأعراض غير محددة مثل الغثيان و وجع الرأس وذلك لأن الجسم يفرز اندورفينات Endorphines استجابة للألم مما قد يشعر المريض ببعض التحسن.
بالمختصر ليس هناك دليل علمي حقيقي على ان العلاج بالإبر هو علاج فعال، لكن نجاحه في استقطاب اليائسين من المرضى يجعله بالتأكيد طريقة للهروب من الألم.