انتشرت قصة على مواقع التواصل مرفقة بصورة لشخص يحمل مومياء ادّعى ناشروها أنّ الرجل الذي فيها قتل زوجته وحنّطها بسبب سقوط شعرة في طعامه
فما الحقيقة؟
نكشف حقيقة هذا الادعاء في المقال الآتي…
انتشر الادّعاء بعدة صيغ كان منها:
“يقال أنها قصه حقيقيه…ساشا هيرما صائد الأفاعي والسحالي في سهول كينيا قام بقتل زوجته باكيكي مو ومن ثم قام بتحنيطها وتركها عبرة لكل نساء قبيلة جاكاتا والقبائل المجاورة لأنه وجد شعرة من شعر رأسها بطعامه المفضل حساء الضفادع المقلي بدهن السحالف فطعنها بناب فيل كان بجواره وأكمل طعامه”
نُشر هذا الادعاء من قبل عدة حسابات، فكان منها صفحة ستوتة كافية وهي صفحة عامة يتابعها أكثر من 554 ألف شخص
إذ أنّ الادعاء نُشر من قبل الصفحة بتاريخ 29 يونيو، الساعة 11:08 صباحًا
وحصل المنشور حتى وقت النشر على نحو 218 تفاعل وتمت مشاركته من قبل 684 شخصًا.
كما قام آخرون بنشر الادعاء يمكنك مشاهدته هنا وهنا وأيضًا هنا
علامات مميزة في الصورة ساعدت في الوصول إلى الحقيقة:
- تبدو ملامح الرجل أنه قبلي ذو بشرة سمراء (آسيوي أو أفريقي)
- المومياء تظهر متفحمة ومنزوعة الأعضاء الداخلية
- يوجد غطاء أصفر على الجمجمة
- يرتدي الرجل أطواقًا ملونة
- توجد عصا طويلة صفراء على بطن الرجل
عند البحث عبر محركات البحث نصل بدايةً إلى عدة نتائج استُخدمت فيها الصورة نفسها منها صورة غلاف كتاب أغرب القبائل والشعوب في القرن العشرين ومقال تحت عنوان دولة تسمح بزواج الأحياء من الاموات بتاريخ 21 يناير 2016
على أنها لرجل من كينيا، إلا أنّ ذلك غير صحيح! وهي لا تحكي القصة الحقيقية لهذه المومياء
بالاستمرار في البحث نصل إلى صورة مشابهة لهذا الشخص من زاوية أخرى في موقع pinterest معنونة بـ”Irian Jaya Mountains” وتبدو عليه العلامات المميزة نفسها التي ذكرناها آنفًا
كما نشرت الصورة نفسها شركة سياحية سويسرية باسم explorer في ملف ترويجي للسفر إلى منطقة Papua New Guinea وهي تقع غربي Irian Jaya الإندونيسية عنونته بـ “ثقافات العصر الحجري في الزمن الحاضر”
ومرفقة برابط يصل إلى موقع ourpacificocean ويعرض الصورة نفسها معنونة بـ”Village chief with his mummified father” أي قائد القرية مع والده المحنط
وبتركيز بحثنا على منطقة West Papua نصل إلى موقع lizthompson الذي يكشف القصة الحقيقية!
وليز مصورة وكاتبة ومنتجة زارت عدة بلدان وقامت أيضًا بإخراج الساحر الأخير، الذي صُوّر في جزر تروبريان في Papua New Guinea
قبائل داني الآسيوية
في الموقع السابق نُشرت هذه الصورة معنونة بـ “A Dani man with a smoked ancestral mummy kept in the house rafters” أي رجل من قبيلة داني يحمل مومياء أحد أسلافه المحفوظة في منزل خشبي
ضمن صور التقطها خلال رحلته إلى جبال Irian Jaya (West Papua) الواقعة في إندونيسيا
قبيلة داني المنتشرة في وادي باليم بإندونيسيا، هي واحدة من القبائل التي لا تزال تحتفظ بطريقة الحياة البرية، فهي تعيش في بيئة بما يشبه العصر الحجري بعاداتها وتقاليدها وأسلوب عيشها.
على سبيل المثال، يستخدم رجال هذه القبيلة فقط القرع أو الأشياء الأنبوبية لتغطية القضيب وتستخدم النساء العشب لتغطية الجزء السفلي من الجسم (واحدة من العلامات المميزة التي ذكرناها سابقًا)
ما سبب التحنيط في هذه القبيلة؟
زعماء قبيلة داني هم أشجع المحاربين، والقادة في الحروب والنزاعات الإقليمية.
وعندما يعلم الزعيم أنه على وشك الموت، يختار بديلاً عنه يخلفه بعد موته
تعتبر هذه المومياوات الغريبة مهمة جدًا في حياة قبيلة داني الروحية، ويُحافظ على الزعماء المتوفين من خلال تحنيط جثثهم
هي ليست محنطة في الحقيقة، بل هي جسم محترق مدخّن
عندما يريدون تحنيط جثة، يشعلون النار في منزل خشبي فيه الجثة، فيتبخر الماء وتتدفق الدهون من الجسم كله من خلال فتحة تُثقب في الورك بإبرة حادة
إلى أن تنكمش الجثة وتصبح مثل كتلة من الخشب، يتحول لونها إلى أسود لامع
والغاية من التحنيط هي إحياء ذكرى زعيم قوي وأن تكون القبيلة محظوظة ومحمية بروح الزعيم.
وتوضع جثة الزعيم السابق في منزل خشبي، الذي يعتبرونه بيتًا مقدسًا لا يجوز لأحد أن يدخل هذا المنزل من دون إذن الزعيم الجديد -الذي يعتبر قويًا إذا كان لديه مومياء- ويُطرد المخالفون من القبيلة.
اقرأ أيضًا: اكتشاف مومياء في الصين عمرها نحو 1950 عامًا- خبر زائف
هل تُحنّط كلّ الجثث في القبيلة؟
كلا، تُحنط جثث الزعماء العظام الذين قدموا مساهمات كبيرة للقبيلة فقط، وتُحرق باقي الجثث ويُدفن رمادها في الأرض بشكل مرتفع قليلًا
عُثر على نحو 10 مومياوات فقط في وادي باليم من هذه القبيلة تتراوح أعمارها بين 200 و500 سنة.
بناءً على ما سبق، قررت منصة فتبينوا تصنيف الادعاء على أنّه مضلل، وذلك لأن الصورة حقيقية ولكنّها استُخدمت في سياق مختلف عن سياقها الحقيقي بما ثبت لدينا من أدلة.