يتداول رواد مواقع التواصل صورة اقتبست من وثيقة صادرة عن الصحة العامة في إنجلترا، أرفقت بوصف يزعم أن 70% من وفيات متحور (دلتا) في بريطانيا مطعمين،
فما هي حقيقة هذا الادعاء؟ تابع المقال الآتي..
نص الادّعاء من الناشر – دون تصرف –
نشرت الادّعاء بصيغته هذه صفحة الفايسبوك المسماة “اطباء صيادلة بايلوجين الاحرار” بتاريخ 18 سبتمبر 2021،
فيما تناقلت الادعاء ذاته وبصيغ مختلفة العديد من الصفحات والحسابات الأخرى على الفايسبوك ومنها:
Wesam Al Mogadme – أبو عمير خطاب – Hajer Karoui Ihtiyat – Sami Rami – Sami Menisy – عنبر العقلاء
وذلك على غرار هذه التغريدة على تويتر،
🇬🇧 بريطانيا 🇬🇧
أرقام (رسمية) جديدة🔸️~70% من وفيات متحور (دلتا) مطعمين💉🔸️
2542 وفاة (منهم 1752 مطعمين، معظمهم جرعتين)
جائحة غير مطعمين؟ أم مطعمين❓
الأرقام لا تكذبhttps://t.co/v0LF4MLQkC pic.twitter.com/Y4NKOZ5QOc
— د.ياسر خالد العمار (@Dr__YAS) September 17, 2021
هذه البيانات مجتزأة بشكل مضلل ولا تشرح التفاصيل التي تستند إليها البيانات المقتبسة
بالرجوع إلى مصدر البيانات المتداولة، وهو تقرير يظهر موجزا يتتبع متغيرات فيروس SARS-CoV-2 المثيرة للقلق في إنجلترا،
والصادر عن الصحة العامة في إنجلترا بتاريخ 17 سبتمبر 2021،
رصد فريق منصة فتبينوا العديد من العناصر التي تبين أن الادّعاء مجتزأ من سياقه بشكل مضلل كالتالي:
البيانات مجتزأة ولا تُظهر جميع حالات الفيروس المكتشفة في إنجلترا
أخذت البيانات في الادعاء من جدول بعنوان:” الاهتمام بالرعاية الطارئة ووفيات حالات دلتا المتسلسلة والمنمطة جينيًا في إنجلترا حسب حالة التطعيم”(1 فبراير 2021 حتى 12 سبتمبر 2021) .
ولا يُظهر جميع حالات الفيروس المكتشفة في إنجلترا، أو في بريطانيا بشكل عام.
في الصفحة 16 من التقرير، فإن 593،572 حالة من حالات دلتا الإجمالية تم تأكيدها بين 1 فبراير 2021 و 12 سبتمبر 2021.
وكان عدد الوفيات المسجلة بين هذه الحالات 2542، في الصفحة 20، تم تقسيم هذا الرقم 2542 حسب حالة التطعيم:
من بين الذين تم تطعيمهم بالكامل (بعد مرور أكثر من 14 يومًا بعد الجرعة الثانية) كان هناك 1613 حالة وفاة (63.4 ٪ من المجموع).
1565 من بين الوفيات كانت من الفئة العمرية التي تجاوزت الخمسين عاما.
ومن بين غير الملقحين كان هناك 722 حالة وفاة (28.4٪ من المجموع). أما باقي الوفيات فكانت من بين الملقحين جزئياً.
يجب تفسير البيانات مع الأخذ في الاعتبار سياق التغطية العالية للقاح في سكان المملكة المتحدة بشكل عام،
بالإضافة إلى حقيقة أن أعداد الوفيات الإجمالية في المملكة المتحدة آخذة في الانخفاض.
علاوة على ذلك فقد أكد التقرير بناء على المعطيات الواردة فيه:
“تبقى جرعتان من اللقاح عالي الفعالية، بنسبة 60 إلى 85٪ ضد العدوى، فعالية 90 إلى 99٪ ضد الحاجة إلى المستشفى،
90 إلى 95٪ ضد الوفيات و 65 إلى 99٪ ضد أعراض المرض”.
تقرير حديث صدر مطلع العام الحالي يؤكد أن الوفيات حدثت بمعدل أعلى بكثير بين الأشخاص غير المطعمين
بحسب تقرير صدر مطلع العام الحالي 2022، كانت الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 بين يناير وأكتوبر 2021 أقل باستمرار للأشخاص الذين حصلوا على جرعتين من اللقاح مع أخذ العمر في الاعتبار،
تباينت مخاطر الوفاة التي تنطوي على كوفيد-19 حسب حالة التطعيم على مدار العام 2021،
ولكنها كانت أقل باستمرار للأشخاص الذين تناولوا جرعتين من اللقاح قبل 21 يومًا على الأقل، من أولئك الذين لم يتم تلقيحهم في إنجلترا، من 1 يناير إلى 31 أكتوبر 2021. هذا هو الحال بالنسبة لجميع الفئات العمرية.
بينما تقدم هذه الإحصائيات دليلًا على أن الأفراد الذين تم تطعيمهم لديهم مخاطر أقل للوفاة من كوفيد-19 مقارنة بالأفراد غير المحصنين،
إلا أنه لا يمكن استخدامها لتحديد فعالية اللقاح. وذلك لأن الأشخاص الذين تم تلقيحهم وغير الملقحين من المحتمل أن يختلفوا في خصائص أخرى غير العمر، مثل الصحة.
فيما أكدت هيئة الصحة العامة في انجلرتا في تقريرها الأسبوعي الصادر في 17 سيبتمبر 2021 أنه:
“في سياق التغطية العالية جدًا للقاح بين السكان، حتى مع وجود لقاح عالي الفعالية،
من المتوقع أن نسبة كبيرة من قد تحدث الحالات والاستشفاء والوفيات في الأفراد الذين تم تلقيحهم ،
وذلك ببساطة لأن نسبة أكبر من السكان يتم تطعيمهم مقارنةً بالذين لم يتم تلقيحهم، ولا يوجد لقاح فعال بنسبة 100٪ “.
لماذا تكون نسب الوفيات -أو الإصابات- مرتفعة بين المطعمين في ظل التغطية العالية للقاح بين السكان؟
أفاد مركز السيطرة على الأمراض (CDC) في تقرير نشره بتاريخ 17 ديسمبر 2021،
أن “ما يقرب من ثلاثة أرباع الحالات [في تفشي المرض مؤخرًا في ولاية ماساتشوستس الأمريكية] حدثت في أشخاص تم تطعيمهم بالكامل”،
يشار إلى عدوى الشخص الذي تم تطعيمه بالكامل باسم “عدوى اختراق اللقاح”.
مثل هذه التقارير أدت إلى افتراضات تنص على أن الأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل يبدو أنهم أكثر عرضة للإصابة بكوفيد-19 من أولئك الذين لم يتم تطعيمهم.
لكن، وبحسب مدونة نشرتها “لوسي ماكجوان” أستاذة الإحصاء في جامعة ويك فورست،
أوضحت خلالها إن عملية احتساب فعالية اللقاح من خلال معدلات الوفيات بين السكان الملقحين مقابل غير الملقحين هي الطريقة الأفضل،
لكن تلك العملية غير كاملة بسبب عوامل أخرى في تلك المجموعات، على سبيل المثال:
قد تكون نسبة أكبر من المجموعة التي تم تلقيحها من الأفراد الأكثر مرضًا أو أولئك المعرضين لخطر أكبر للإصابة بمرض شديد وبحاجة إلى الحصول على اللقاح،
في مدونتها ، حددت الأستاذة ماكجوان موقفًا تم فيه تطعيم 90 في المائة من مجموعة مكونة من 20 شخصًا.
أصيب أربعة أشخاص في المجموعة بـ كوفيد-19، من بينهم اثنان لم يتم تطعيمهما واثنان كانا مطعمين، مما يعني أن 50٪ من الإصابات كانت بين الأشخاص الملقحين.
رسم توضيحي من مدونة Lucy D’Agostino McGowan
لكن هذا هو المقياس الخطأ الذي يجب النظر إليه،إذ لا يأخذ في الاعتبار أن 90٪ من السكان قد تم تطعيمهم،
ما عليك القيام به هو النظر إلى المعدلات بين الملقحين وغير الملقحين بشكل منفصل ثم مقارنتها، هنا في هذا السيناريو،
أصيب 11٪ من الملقحين بالمرض، و 100٪ من غير الملقحين مرضوا، يتم احتساب فعالية اللقاح من خلال (نسبة إصابة غير الملحقين _ نسبة إصابة الملقحين)/100%
في هذه الحالة فإن فعالية اللقاح كانت 89%.
رسم توضيحي من مدونة Lucy D’Agostino McGowan
الدراسات العلمية تؤكد أن اللقاح يشكل حماية فعالة ضد كوفيد-19
تشير دراسة أجرتها وحدة الإحصاء الحيوي (BSI) التابعة لمجلس البحوث الطبية في المملكة المتحدة في جامعة كامبريدج،
إلى أن اللقاحات منعت حوالي 7.2 مليون إصابة و 27000 حالة وفاة في إنجلترا وحدها. قال بول بيرل، أحد العلماء المشاركين في الدراسة:
“عدد الإصابات والوفيات التي منعها برنامج التطعيم ليس فقط مرتفعًا بشكل مذهل ولكنه ينمو بشكل كبير خلال مسار برنامج التطعيم”.
وفي دراسة أخرى نشرتها وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة أشارت إلى أن متغير دلتا أكثر مقاومة للقاحات ولكن التطعيم الكامل يستمر في توفير حماية قوية حتى ضد هذا المتحور.
وبحسب مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، حتى الآن، أثبتت اللقاحات أنها فعالة جدًا ضد جميع الطفرات المثيرة للقلق.
وفي السياق ذاته، أظهرت بيانات حديثة في بريطانيا أن الجرعات المعززة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا،
تكون فعالة في منع دخول المصابين بكوفيد-19 إلى المستشفيات بنسبة تصل إلى 88 في المئة.
وتؤكد البيانات الجديدة الصادرة عن هيئة الأمن الصحي في بريطانيا أن الحصول على جرعتين من لقاحات “أسترازينيكا” أو “فايزر” أو “موديرنا” لا يوفر سوى القليل من الحماية ضد الإصابة بمتحور أوميكرون الجديد.
لكن القدرة على الحماية من ظهور أعراض خطيرة تبدو واضحة. ولذا، يقول مسؤولو الصحة إن ذلك يعزز أهمية الحصول على جرعة ثالثة.
وقال وزير الصحة البريطاني ساجد جاويد “هذه بيانات مبشرة تعزز مدى أهمية اللقاحات، فهي تنقذ الأرواح وتمنع الإصابات الحادة بالمرض“.
يمكن الاطلاع على إجمالي حالات الإصابة بفيروس كورونا في المملكة المتحدة (هنا) والوفيات (هنا) عدد الذين تلقوا اللقاح (هنا) على لوحة معلومات الحكومة.
اقرأ أيضا:
لا، لم يصرح الدكتور أنتوني فاوتشي أن لقاحات كوفيد_19 لم تعمل كما هو معلن عنها
هذه الوثيقة المتداولة زائفة ولم يسبق لهنري كسنجر أن ألقى خطابا حول إجبارية اللقاحات
تقييم فتبينوا:
بناء على ما سبق، قررت منصة فتبينوا تصنيف الادعاء على أنه مضلل ذو سياق مفقود،
إذ أن الادعاء نقل الأرقام صحيحة عن تقرير الصحة العامة في إنجلترا الصادر بتاريخ 17 سيبتمر،
إلا أنه يفتقد إلى السياق المهم للتغطية العالية للقاح بين السكان.