تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي صورة يظهر فيها بجعة وادعوا أن البجعة تجرح نفسها لتطعم صغارها حال ندرة الطعام…
فما حقيقة هذه الصورة أو هذه المعلومة؟ الجواب في مقالنا الآتي..
نص الادعاء حسب صيغة الناشر “بدون تصرّف”
“عندما تدرك البجعة أن صغارها مهددون بالموت بسبب لدغة الأفعى تقوم بالوقوف فوق صغارها الضعفاء وتنقر على جنبها حتى يبدأ الدم بالنزف من الجرح الذي أدمت به نفسها فتسقط قطرات الدم من الأم الى أفواه صغارها وعلى الفور يتلقون الدواء من الدم المحتوى على الترياق المضاد للسم .
ذلك أنّ البجع يتغذّى على الافاعي فيكتسب مناعة في دمه لسمّها ، ويصبح ترياقا.
إنها الأم..”
نشر الادعاء بهذه الصيغة صفحة ام كلثوم بتاريخ 3/2/2021 وحصد المنشور 332 وأكثر من 1.7 ألف مشاركة حتى تاريخ إعداد المقال 18/2/2021.
حاز الادعاء على انتشار واسع حيث نشر من قبل العديد من الصفحات مع تفاعل كبير مثل:
100%blida – فتاة من عالم أخر – Supreme.tn – معلمي ومعلمات فلسطين – Saad al-khalidy – Challenge creators – Ahmad hdehd – بساتين العراق – معلومات مثيرة حقيقية – جرعة – أدعية يومية – ثقف نفسك وارتق – مواقف إنسانية – كل يوم قصة تهز العالم – كل يوم معلومة ومقولة – معلومات من ذهب – أنا إنسان – غرائب وعجائب الدنيا
كما قام البعض بمشاركتها في المجموعات العامة بصيغة مشابهة مثل مجموعة تربية الطفل بالورقة والقلم حيث حصد المنشور أكثر من 3.3 ألف تفاعل و277 مشارك،
وتمت مشاركتها في مجموعات أخرى مثل هنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا وأيضًا هنا.
البجعة لا تجرح نفسها لتطعم صغارها أو تعالجهم بدمائها بل هذه أسطورة
يظهر بشكل واضح أن صورة الادعاء عبارة عن تمثال وليست حقيقة
ومن خلال إجراء بحث عكسي بالصورة في محرك البحث جوجل وجدنا أن الصورة استخدمت أول مرة كغلاف لمجلة DIALOGO ENTRE MASONES DICIEMBRE عام 2014 وتظهر الصورة بدقة عالية،
تختص هذه المجلة بالكلام عن حركة الماسونية وتصحيح أفكار الناس عنها حسب ما تزعم، وقد وضعت هذا الغلاف للإشارة إلى معتقدات تختص بالسيد المسيح في الديانة المسيحية،
كما يظهر في بداية مقطع الفيديو هذا نفس صورة التمثال وكيف يرتبط مفهوم التضحية بالبجع.
من نتائج البحث التي ظهرت صورة تمثال آخر شبيه بصورة الادعاء لتمثال بجعة والشرح فيه في مدونة عن علاقة البجعة بالمسيح،
حيث يعتقد بعض الأشخاص أن البجعة الأم تجرح صدرها بمنقارها لإطعام صغارها لتأكل قطعًا ممزقة من لحمها، وتضحي بحياتها من أجل حياة صغارها، كما ضحّى يسوع المسيح.
وأن ما جعل المؤلف يؤلف هذه الرواية أو يعتقدها هو ضغط البجع بمنقاره على صدره ليأكل صغاره طعامًا مهضومًا من معدته، فربما أوحى ميل الطائر بهذا الشكل عند إطعام صغاره ودعم كمشهد هذه الأسطورة.
من خلال البحث عن هذه القصة أكثر في محركات البحث بالكلمات المفتاحية وقعنا على العديد من المواقع التي تؤكد على أن هذه أسطورة وليست حقيقة،
كما نشر موقع aleteia المهتم بالرؤية المسيحية عن هذه الأسطورة وأصولها التي وردت في كتاب Physiologus وهي تعود لنص كتبه مؤلف إسكندري مجهول في القرن الثاني وورد في نصها:
من أجل منع البجعة فراخها من الجوع في أوقات ندرة الطعام سوف تجرح صدرها بمنقارها الخاص لإطعامها بدمها، ووفقًا للأساطير الأخرى، إذا ماتت فراخ البجع فإن البجع سيفتح صدره ويعيدهم إلى الحياة ويرشهم بدمه.
ولهذا تبنى المسيحيون الأوائل الفكرة في هذه الأسطورة كرمز للمسيح وتضحيته، والبجع هو أحد الأشكال الحيوانية المفضلة في الفن المسيحي:
كما أشار لذلك موقع thewestologist وموقع lahornacina اللذين أكدا أن هذه محض أساطير ولا دخل لها بالواقع المشاهد لحياة البجع.
وأرفقت إميلي بيران بحثًا في موقع أكاديمي حول رأيها في هذه القصة وكيفية انتشارها وانتقالها عبر الكتب من كونها أمرًا توضيحي إلى أن أصبحت لها دلالة دينية
ووضحت أنه ربما عندما تطعم البجعة صغارها وتقوم الأم بنقع الأسماك في الكيس الكبير في منقارها ثم تطعمها لأطفالها عن طريق خفض منقارها إلى صدرها لنقل الأسماك المتقيئة من معدتها بسهولة أكبر؛
أدت ملاحظة ممارسة الإطعام هذه إلى الأوصاف الخاطئة لأنثى البجع لرؤية عارية عن الصحة أنها تنقر على صدورها وتسفك الدم على أطفالها لتوفير القوت.
هل هناك ما يثبت أن البجعة تجرح نفسها أو تداوي صغارها بدمها في الواقع المشاهد؟
من خلال الرجوع إلى المواقع المختصة بالحياة البرية والبحث فيها نجد في موقع National giographic أن طائر البجع أنواعه أكثر من ستة أنواع،
ولكن جميعها لديها كيس الحلق الشهير الذي تشتهر به الطيور، تستخدم هذه الطيور الكبيرة أكياسها المرنة لصيد الأسماك رغم أن الأنواع المختلفة تستخدمها بطرق مختلفة.
غذاء البجع الأساسي هو السمك ولا تخزن البجع الأسماك في جرابها، ولكن تستخدمه ببساطة لصيدها ثم قلبها للخلف وابتلاع الأسماك على الفور، وتتغذى صغار البجع عن طريق لصق جرابهم في حلق والديهم لاستعادة الطعام المهضوم وأكله.
ولم يأتِ الموقع على أي ذكر لإطعام البجع صغارها أو في ألبوم الصور للبجع هذه الطريقة أو هذه المعلومات حول جرح البجعة نفسها.
من خلال الرجوع إلى موقع المرفق العالمي لمعلومات التنوع البيولوجي، تعشش طيور البجع في مستعمرات بمجموعات كبيرة،
وموقع مستعمرة التكاثر الذي يختاره البجع مقيد بتوافر مخزون وافر من الأسماك للأكل،
على الرغم من أن البجع يمكنه استخدام الحرارة للارتفاع والتنقل لمئات الكيلومترات يوميًا لجلب الطعام، فلا يمكن أن يستعمر في مكان خال من الطعام كما أن كلا الوالدين يطعمان صغارهما وليست الأم وحدها.
أما عن أكلها الثعابين فطعام البجع الرئيسي هو السمك كونها تسكن بالقرب من المياه دائمًا لكنها قد تأكل في بعض الأحيان البرمائيات والسلاحف والقشريات والحشرات والطيور والثدييات حسب كل نوع من أنواع البجع.
أضاف موقع sandiegozoo أن البجع عندما لا يأكل، يقضي طائر البجع ساعات في التهيؤ أو الغفوة أو في حمامات الشمس، إذا جاء زاحف صغير أو حيوان برمائي في طريقه ، فقد يأكل ذلك أيضًا!
قد يأكل البجع البالغ ما يصل إلى 4 أرطال (1.8 كيلوجرام) من الأسماك يوميًا! في جميع أنحاء العالم، يُتهم البجع بالتنافس مع الصيادين كونه يشتهر بصيده الناجح.
لا يتم إطعام الصغار من الكيس نفسه؛ بدلاً من ذلك، يفتح الوالدان فمهما على مصراعيه للسماح للصغار بالوصول إلى أسفل المريء للحصول على طعام مهضوم.
وأشار الموقع إلى أنه تم اعتبار البجع في مصر القديمة ورُسم في النصوص الجنائزية كرمز للحماية من الثعابين،
وأنه في العصور الوسطى في أوروبا كان يُعتقد أن البجع يهتم بشكل خاص بصغارها لدرجة أنها تقدم دمها عن طريق جرح صدرها عندما لا يتوفر طعام آخر،
ونتيجة لذلك جاء البجع يرمز إلى آلام يسوع والقربان المقدس وكل هذه أساطير.
وأسطورة أخرى أيضًا أن البجع كان يقتل صغاره ثم يحييهم بدمائه وسبب هذا المعتقد ربما هو تغير لون طرف منقار البجع إلى اللون الأحمر خلال موسم التكاثر.
أما عن كون دم البجع يحوي ترياقًا ضد سم الأفعى فهذا غير صحيح، ذلك أن طريقة تصنيع الترياق ضد سم الأفعى طول المئة عام الفائتة عن طريق
حقن كميات صغيرة من السم في الحيوانات الداجنة مثل الخيول أو الأغنام ثم يتم جمع الأجسام المضادة من دم هذه الحيونات وتنقيتها لاستخلاص الأجسام المضادة وهذا هو الشائع بسم الثعابين،
تمتلك هذه الحيوانات أجهزة مناعية قوية، وتنتج أجسامًا مضادة قوية يمكنها الارتباط بمكونات سم الأفعى ، مما يمكّن دفاعاتنا المناعية من القضاء على هذه السموم، ويتم اعطاءه عن طريق الحقن.
أما الحيوانات التي تأكل الأفاعي فهي تمتلك مناعة تحميها من سم الأفعى تكيفًا مع نظامها الغذائي ولا يتم اكتساب هذه المناعة خلال حياتها.
تواصل فريق فتبينوا مع الطبيب البيطري رائد الغرايبة وشاركنا معه تفاصيل الادعاء ليفيدنا أن الادعاء غير صحيح وأن الحيثيات فيه مربوطة بطريقة غير علمية،
فسم الأفعى يتم حقنه في الأحصنة للحصول على الأجسام المضادة للسم نظرًا لحجم الدم عند الأحصنة -54- لتر وهو رقم كبير مقارنة بحجم الدم في جسم الإنسان -4.5- لتر حيث يكون تأثير السم ضعيف على الحصان ولا يؤدي لموته.
أما السمّ عند الأفعى فهو موجود بغدة برأس الافعى ولا يتم إفرازه إلا إذا قامت الأفعى بعمل جرح داخل الحيوان بحيث يؤدي لانتقاله في دم ذلك الحيوان،
أما الحيوان الآكل للأفاعي فإن الأسيد الموجود بالمعدة سيدمره ولا يتم عمل الأجسام المناعية لتعمل كمضاد للسم، فلو أخذنا عينة من دم هذا الطائر الآكل للأفاعي فلن نجد أثر للسم في دمه أو حتى أجسام مناعية؛
فلا بد من وجود السم نفسه بالدم ليقوم الجسم بعمل الأجسام المضادة للسم.
اقرأ أيضًا: طائر الفلامينغو ينزف ويطعم صغاره دمًا..ما الحقيقة؟
بناءً على ما سبق قرر فريق فتبينوا تصنيف الادعاء على أنه زائف؛ إذ إنه ينقل أساطير فير صحيح ويدعي أنها حقيقية فيما يتعلق بالبجع.
2 تعليقان. Leave new
أهلا … عناصر البحث وتقصي الاسباب التي يتمتع بها البعض من العاملين في الخدمة العامة بكل ما يحيط الأحياء والبيئة حولنا والإجتهاد للوصول الى أجوبة منطقية بعيدا عن الخرافات والاساطير ، أقول أن هذه الاهتمامات الايجابية جدا تعكس مدى سعة الأفق التي يتمتع بها الباحثون من أجل الحقيقة ومدى الجهد الذي يمارسوه لخدمة المجتمع والطبيعة حولهم … … احترامي وسلامي ..
اعانكم الله.. التقصي و التحقق من صحة ما يقال عمل نبيل ينسف الكذب و الادعاء و الخرافات