تداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي معلومات عن وصول موجة لغاز ثاني أكسيد الكبريت من بركان في إيطاليا لعدة دول عربي،
وعن تحذيرات شديدة اللهجة بأنها ستشكل خطرًا كبيرًا على صحة الناس.
فما صحة هذه التحذيرات؟ وما مدى دقة هذه المعلومات؟ الجواب في مقالنا الآتي..
نص الادعاء حسب صيغة الناشر “بدون تصرّف”
نشر الادعاء بهذه الصيغة الصفحة المُوثّقة عامر القديري بتاريخ 5/4/2021، وحصد المنشور 1.8 ألف مشاركة وأكثر من 5.1 ألف تفاعل حتى تاريخ إعداد المقال في 7/4/2021.
شارك الادعاء بصيغة مشابهة صفحات عدة منها:
منه الله – أحداث آخر الزمان لحظة بلحظة – Maha sabry – أنباء الصعيد – مصرtv – فاطمة جناح –
Marwan Al Matni – Whatsapp story – شبكة طرابلس الاخبارية tnn – الضنية الإخبارية
بالرجوع إلى مصادر المعلومات المختصة واستخدام محركات البحث للوصول لوكالات الأنباء، تبيّن معنا التالي:
ما هي قصة جبل بركان إتنا وإرساله لغاز ثاني أكسيد الكبريت؟
حسب موقع Volcano Discovery فإن جبل إتنا الواقع فوق كاتانيا، لديه واحد من أطول السجلات الموثقة في العالم للبراكين التاريخية، والتي يعود تاريخها إلى 1500 قبل الميلاد.
تغطي تدفقات الحمم البركانية التاريخية معظم سطح هذا البركان الضخم،
ومنذ العصور القديمة يبدو أن البركان كان في حالة نشاط شبه دائم، ويعتبر إتنا ثاني أكثر البراكين نشاطًا في العالم.
ذكرت EUMETSAT وكالة الأقمار الصناعية التشغيلية الأوروبية لرصد الطقس والمناخ والبيئة من الفضاء، أنه في 16 فبراير 2021،
بدأ جبل إتنا سلسلة من الحلقات البركانية التي قذفت الكثير من الحمم البركانية، والمعروفة باسم النوبات.
أنتجت النوبات القصيرة والعنيفة نوافير الحمم البركانية وغطت جزءًا من صقلية بالرماد الأسود.
في كل مرة يرسل البركان حممًا يبلغ ارتفاعها مئات الأمتار (أو حتى أكثر من 1000 متر)،
يقوم بحقن كمية لا بأس بها من ثاني أكسيد الكبريت (SO2) في الغلاف الجوي.
ذكرت خدمة معلومات البحث والتطوير المجتمعية (CORDIS) أنه رغم إنخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت بشكل حاد، لكن إتنا لا يزال أكبر مصدر لثاني أكسيد الكبريت في أوروبا.
انتهت آخر نوبة حمم بركانية في هذه السلسلة الأخيرة بتاريخ 2/4/2021، والتي تعد رقم 17 منذ 16 فبراير 2021.
انبعاثات ثوران جبل إتنا
أطلق إتنا أعمدة ضخمة من الدخان وكميات كبيرة من ثاني أكسيد الكبريت (SO2) في الغلاف الجوي، وقد تم نقلها بواسطة الرياح السائدة نحو أفريقيا وشرق البحر الأبيض المتوسط.
حسب برنامج مراقبة الأرض التابع للاتحاد الأوروبي كوبرنيكوس، إن انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت التي انطلقت من إتنا خلال نوباته في 45 يومًا،
وصلت إلى ارتفاع حوالي 7000 متر فوق مستوى سطح البحر.
تعد البيانات التي يوفرها القمر الصناعي Copernicus Sentinel-5P أحد أكثر الموارد تقدمًا لرصد ثاني أكسيد الكبريت في جميع أنحاء العالم على أساس يومي، لما يمكن لهذا الغاز أن يؤثر على صحة الإنسان.
الكتلة الهوائية المحملة بثاني أكسيد الكبريت لن تشكل خطرًا شديدًا على الدول العربية المارة بها
على إثر انفجارات بركان إتنا الأخير في إيطاليا وإصداره كميات جيدة من ثاني أكسيد الكبريت،
بدأ إصدار الإشاعات حول وصول كتل محملة بغاز ثاني أكيد الكبريت السام والذي يشكل خطرًا كبيرًا حسب قولهم.
رجعنا إلى عدة وكالات أنباء عربية نفت الخبر وأولها كانت وكالة الأنباء اللبنانية NNA التي تواصلت مع مختصين في إيطاليا وأكدوا لهم أنه لا خطر سيهدد لبنان أو سكان الشرق الأوسط.
أجرت وكالة الأنباء الوطنية اللبنانية مقابلة مع مفوض الدفاع المدني الإيطالي والمتخصص في الكوارث الطبيعية، ليوناردو كوربو،
الذي خفف من هذه المخاوف المتزايدة من خلال التأكيد على أنه “لن يحدث شيء من هذا القبيل“.
قال كوربو: “أكدت مختبراتنا دائمًا أن الشعوب المحيطة بالبركان ليست في خطر، وبالتالي فإن دول الشرق الأوسط ليست في خطر أيضًا“.
وأضاف كوربو أن هذا هو الانفجار السابع عشر لبركان إتنا خلال هذه الفترة،
وما يقال عن الصور التي تُظهر حدوث عاصفة بكتلة هائلة من الغاز في مسار شرقي أمر مبالغ فيه.
وخلص كوربو إلى أن “الحديث عن تأثيرات الأمطار الحمضية على المحاصيل مبالغ فيه أيضًا لأن السحابة عالية جدًا في الارتفاع“.
حدد ميشيل أفرام، المدير العام لمجلس إدارة المعهد اللبناني للبحوث الزراعية (LARI)، مسار سحابة SO2 التي نشأت في جزيرة صقلية.
بحسب أفرام ، فقد تحركت السحابة جنوباً ووصلت إلى ليبيا ومصر، حيث هبت عليها الرياح الغربية شمال المملكة العربية السعودية قبل إعادة توجيهها إلى العراق.
أما لبنان وسوريا ، فسيكونان تحت تأثير الرياح الشرقية الدافئة من الاثنين إلى الخميس، مما سيؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وطرد سحابة ثاني أكسيد الكبريت منها.
بحلول الوقت الذي يقع فيه لبنان تحت تأثير الرياح الجنوبية الغربية ودرجات الحرارة المنخفضة والأمطار يوم الجمعة 9 أبريل،
ستكون سحابة ثاني أكسيد الكبريت قد اختفت،
في الختام أكّد أفرام أن سحابة ثاني أكسيد الكربون لن تشكل أي تهديد للبنان والشعب اللبناني.
وكالات أخرى تنفي الخطر
أكدت وكالة الأنباء السورية سانا المعلومات السابقة نقلًا عن الراصد الجوي ماهر مرهج،
أن سحابة غاز ثاني أوكسيد الكبريت التي تتواجد حالياً فوق منطقتنا وتم تداول وتهويل أخبار بشأنها مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي،
لا تدعو إلى القلق لأن المعلومات صدرت من أشخاص غير مختصين.
وبيّن مرهج في تصريح لمندوبة سانا أنه مما لا شك فيه أن هذا الغاز مضر على الصحة عند استنشاقه بنسب معينة،
مشيراً إلى أنه لا شيء يدعو للقلق لإن السحابة على ارتفاعات عالية ومساحات واسعة.
للتأكد أكثر زرنا موقع Copernicus المختصّ في مراقبة الغلاف الجوي والذي ينشر بشكل يومي حول نسب هذا الغاز في الجو،
لم نرَ أي مؤشرات خطيرة لثاني أكسيد الكبريت فوق منطقتنا العربية تمتد بشكل كبير أو ضخم قادمة من بركان إتنا،
يُظهر الموقع بالتقدم في مؤشر الأيام أنه خلال الساعات القادمة ستتلاشى هذه السحابة.
أما صورة الادعاء فبالبحث عنها في محرك Yandex، أظهرت نتائج البحث صورًا مشابهة وتبيّن أنها من موقع الطقس الاحترافي Windy،
من خلال زيارته وتفقد خرائط انتشار غاز ثاني أكسيد الكبريت في المنطقة العربية نجد أن الانبعاثات الخطيرة فوق المنطقة العربية تتلاشى شيئًا فشيئًا،
ولا وجود لكتل هوائية ضخمة في المنطقة قادمة من جبل إتنا،
تبدو الانبعاثات التي تحوي تركيز أعلى من ثاني أكسيد الكبريت باللون الأحمر القاتم.
تواصل مع جهات مختصة
تواصل فريق فتبينوا مع موقع طقس العرب الذي أكّد لنا أنه على الرغم من أن ثاني أكسيد الكبريت هو غاز سام،
إلا أنه سينتشر (أو انتشر وسينتشر في المرات القادمة كما ينتشر منذ ملايين السنين) في طبقات الجو العالية جدًا بعيدا عن المناطق المأهولة بالكائنات الحية، وبالتالي لا يوجد أي خطر منه،
كما أنه ليس بالحدث الجديد على المنطقة، فوقوعنا ضمن مجال خط عرض جنوب إيطاليا من الجهة الشرقية،
يجعل أي تسربات غازية من براكين إيطاليا تتحرك نحونا محمولة من التيار النفاث الذي غالبا ما يكون عبارة عن رياح حركتها من الغرب نحو الشرق.
أضاف موقع طقس العرب أن دائرة التوعية والإعلام البيئي في وزارة الصحة العراقية، نصحت المواطنين العراقيين بـ”استمرار ارتداء الكمامة، واغلاق النوافذ، واعتماد أجهزة التكييف، تفاديا لأي ضرر.
ما هو تأثير غاز ثاني أكسيد الكبريت على صحة الإنسان؟
ثاني أكسيد الكبريت (SO2) هو غاز مُلوِّث متفاعل عديم اللون وله رائحة قوية، ويمكن أن يشكل تهديدًا لصحة الإنسان والحيوان والحياة النباتية.
أكبر مصدر لثاني أكسيد الكبريت في الغلاف الجوي هو حرق الوقود الأحفوري بواسطة محطات توليد الطاقة والمنشآت الصناعية الأخرى.
تشمل المصادر الصغرى لانبعاثات ثاني أكسيد الكبريت ما يلي:
- العمليات الصناعية مثل استخراج المعادن من الركاز
- المصادر الطبيعية مثل البراكين،
- القاطرات والسفن والمركبات الأخرى والمعدات الثقيلة التي تحرق الوقود الذي يحتوي على نسبة عالية من الكبريت.
يمكن أن يؤدي التعرض قصير المدى لثاني أكسيد الكبريت إلى الإضرار بالجهاز التنفسي البشري ويجعل التنفس صعبًا؛
الأشخاص المصابون بالربو، وخاصة الأطفال حساسون لتأثيرات ثاني أكسيد الكبريت SO2.
ذكرت وكالة الأنباء السورية أن أغلبية الناس لن يشعروا بشيء خلال مرور الموجة لكن بعض أصحاب الأمراض التنفسية قد يشعرون بضيق تنفس.
يرمز مؤشر جودة هواء ثاني أكسيد الكبريت لحالة غير آمنة باللون الأحمر بالتركيز (1.0 – 3.0 جزء في المليون).
أجرت كذلك وكالة فرانس برس، خدمة قسم التحقق من الأخبار تحقيقًا حول الادعاء وقامت باتصالات مع جهات مختصّة أكّدت لها أن الادعاء خاطئ.
اقرأ أيضًا:
- المعهد الوطني للرصد الجوي ينفي احتمالية حدوث تسونامي في تونس
-
بعض هذه الصور تعود إلى تواريخ قديمة والمعلومات المرفقة لانفجار بركان في إيطاليا غير دقيقة
بناءً على ما سبق قرّر فريق فتبينوا تصنيف الادعاء على أنه زائف جزئيًا؛ بسبب التضخيم والتهويل من تأثير هذه الانبعاثات التي أكدت جهات مختصّة مختلفة أنه لن يكون لها تأثير خطير على المنطقة.