هذه المعلومات المتداولة حول مشروع هارب واستخدامه كسلاح للتحكم بالطقس والتسبب بكوارث طبيعية غير صحيحة

آخر المقالات

يتناقل ناشطون على فيسبوك العديد من الادعاءات المتعلقة بمشروع هارب الأمريكي لأبحاث الغلاف الأيوني، مدعين أنه سلاح قادر على التحكم بالطقس والتسبب بالكوارث الطبيعية وغيرها،

فما مدى صحة هذه الادعاءات؟ تابع المقال الآتي..

الإدّعاء

نشر أحد مستخدمي فيسبوك الادعاء في 26 سبتمبر 2023،

فيما يمكن تلخيص المزاعم الواردة فيه كالتالي:

1- هارب مشروع للتلاعب بالمتغيرات المناخية يديره  ويموله سلاح الجو الاميركي والبحرية الاميركية، وهو جزء من جيل جديد من الأسلحة المتطورة.

2- من مهام المشروع:

  • تعطيل أنظمة الاتصالات الحربية أو التجارية في العالم أجمع
  • التحكم بأحوال الطقس على كامل أراضي كوكب الارض
  • استخدام تقنية الشعاع الموجه، التي تسمح بتدمير أية أهداف من مسافات هائلة
  • استخدام الأشعة غير المرئية بالنسبة للناس، التي تسبب السرطان وغيره من الأمراض المميتة، حيث لا تشك الضحية في الأثر المميت
  • التأثير على العقول وإدخال مجمل سكان منطقة معينة في حالة النوم أو الخمول أو التسبب بهلوسات.

3- استخدام نتائج مشروع هارب له تأثيرات مدمرة محتملة على المناخ، كما يمكن تطوير امكانيتها لرصد والتلاعب بالحركة التكتونية والزلزالية لصفائح الكرة الأرضية.

كما تناقل الادعاء ذاته وبصيغ مختلفة مستخدمون آخرون على فيسبوك هنـا، هنـا وهنـا.

نتيجة التحري

زائف

هارب هو برنامج أبحاث، وليس سلاحًا يمكنه التحكم بالطقس أو العقول أو التسبب بكوارث كالزلازل أو السرطان

ما هو مشروع هارب؟

برنامج أبحاث الشفق القطبي النشط عالي التردد، أو “هارب – HAARP“،

هو مسعى علمي يهدف إلى دراسة خصائص وسلوك الغلاف الأيوني للأرض “الأيونوسفير”، وهو غلاف  يمتد على ارتفاع يتراوح بين 50 إلى 400 ميل تقريبًا فوق سطح الأرض، عند حافة الفضاء مباشرةً، حيث تسبح العديد من الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، بما في ذلك محطة الفضاء الدولية.

يلعب الغلاف الأيوني أيضًا دورًا في أنظمة الاتصالات والملاحة اليومية، إذ تنتقل إشارات الراديو ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) عبر هذه الطبقة من الغلاف الجوي، أو تعتمد على الارتداد من الغلاف الأيوني للوصول إلى وجهاتها.

وفي كلتا الحالتين، يمكن للتغيرات في كثافة الغلاف الأيوني وتكوينه أن تعطل هذه الإشارات.

بسبب أهمية الغلاف الأيوني للاتصالات اللاسلكية، في أوائل التسعينيات، اقترحت القوات الجوية الأمريكية والبحرية الأمريكية مشروع هارب، وبدأت القوات الجوية في البناء في عام 1993.

تم اختيار الموقع بالقرب من جاكونا لأنه كان منطقة من الأرض المسطحة في المنطقة القطبية الشمالية حيث يحدث الشفق القطبي.

كان موقع هارب بالقرب من طريق سريع رئيسي ولكنه معزول بدرجة كافية بحيث لا توجد مصادر قريبة للتداخل الكهربائي أو اللاسلكي.

في 11 أغسطس 2015، تم نقل تشغيل منشأة البحث من القوات الجوية للولايات المتحدة إلى جامعة ألاسكا فيربانكس،

مما سمح لـ هارب بمواصلة استكشاف ظواهر الغلاف الأيوني عبر اتفاقية بحث وتطوير تعاونية لاستخدام الأراضي.

ويؤكد القائمون على مشروع “هارب” أنه ليس سريًّا، كما تم إجراء دراسة للأثر البيئي خلال عامي 1992 و1993 وفقا لقانون السياسة البيئية الوطنية، وأن الوثائق مفتوحة للعامة.

ويوضحون أن سبب علاقته بالجيش الأميركي هو أن الأرض التي يعمل عليها المشروع ما زالت ملكا للقوات الجوية الأميركية، فيما يتم العمل حاليًا مع فيلق المهندسين بالجيش لإكمال عملية نقل ملكية الأراضي لجامعة ألاسكا.

النتيجة: هارب هو منشأة أبحاث تهدف لدراسة الغلاف الأيوني وتدار حاليا بواسطة جامعة ألاسكا فيربانكس، وليس مشروعًا سريًّا للتلاعب بالمتغيرات المناخية يدار من قبل البحرية وسلاح الجو الأمريكي.

كيف يعمل مشروع هارب وهل يتسبب بإحداث ثقوب وأضرار في طبقة الأيونسفير؟

الأداة الرئيسية في المشروع هي أداة أبحاث الغلاف الأيوني (IRI)، وهي منشأة إرسال عالية الطاقة تعمل في نطاق التردد العالي يمكن استخدامها لإثارة منطقة محدودة من الغلاف الأيوني بشكل مؤقت للدراسة العلمية

تتألف من 180 هوائيًا راديويًا يبلغ ارتفاع كل منها 72 قدمًا، وتنتشر على مساحة 30 فدانًا تقريبًا في غاكونا، ألاسكا.

للأيونوسفير أهمية خاصة بالنسبة للراديو لأن الترددات الراديوية المنخفضة تنعكس من الغلاف الأيوني، مما يسمح بالاتصالات لمسافات طويلة.

في الترددات الأعلى، تمر الاتصالات اللاسلكية مع الأقمار الصناعية عبر طبقة الأيونوسفير. الغلاف الأيوني هو أيضًا المكان الذي يحدث فيه الشفق عندما تصطدم جزيئات الرياح الشمسية بذرات الأكسجين والنيتروجين.

ويرسل الجهاز IRI على ترددات تتراوح بين 2.7 و10 ميجاهرتز بقدرة 3.6 ميجاوات، فهو ينقل موجات الراديو إلى الأعلى في طبقة الأيونوسفير، حيث تتسبب في تحرك الإلكترونات في موجات.

ما يمكن أن يفعله هارب هو تسخين مناطق صغيرة من الغلاف الأيوني ومراقبة التأثيرات. غالبًا ما يتم إجراء أبحاث هارب أثناء الحملات، حيث يقوم العلماء بجمع وتشغيل أداة تسخين الغلاف الأيوني للمنشأة لإجراء تجارب لبضع ساعات على مدار عدة أيام.

إلى ذلك، يعتبر هارب سخان أيونوسفيري، لأن إثارة الإلكترونات يزيد من درجة حرارتها، وهو أقوى سخان أيونوسفيري في العالم.

ومن خلال تغيير كثافة الإلكترونات في منطقة معينة، يمكن للعلماء الذين يستخدمون هارب دراسة كيفية تفاعل الغلاف الأيوني مع الظروف المتغيرة.

أما عن تأثير تسخين الغلاف الأيوني على المدى البعيد، تقول جامعة ألاسكا إن الغلاف لن يتأثر، لأنه يعد بطبيعته وسطا مضطربا تحركه الشمس وتجدده، لذا فإن الآثار المستحدثة اصطناعيا تمحى بسرعة خلال أوقات تتراوح بين أقل من ثانية إلى 10 دقائق.

يمكن أيضًا استخدام الأدوات العلمية المثبتة في مرصد هارب في مجموعة متنوعة من الجهود البحثية المستمرة التي لا تتضمن استخدام IRI،

ولكنها سلبية تمامًا. وتشمل هذه الإجراءات تحديد خصائص الغلاف الأيوني باستخدام المنارات الساتلية، والرصد التلسكوبي للبنية الدقيقة للشفق القطبي، وتوثيق التغيرات الطويلة الأجل في طبقة الأوزون.

عادةً ما يستخدم العلماء هارب مرتين إلى أربع مرات سنويًا في “الحملات البحثية” التي يمكن أن تستمر لمدة تصل إلى أسبوعين.

استخدم الباحثون موقع HAARP آخر مرة في أغسطس 2023، يمكن الاطلاع عليها من موقع المشروع هنـا.

النتيجة: زائف، دراسة الغلاف الأيوني من خلال أدوات هارب لا تتسبب بأضرار على المدى البعيد.

ما حقيقة المزاعم التي تربط بين منشأة هارب والكوارث الطبيعية، والقدرة على التحكم بالعقول؟

نظرًا لأصله كمشروع بحث عسكري وحجمه، ولكونه كان مغلقًا إلى حد كبير أمام الجمهور لفترة طويلة،

فقد كان هارب موضوعًا لنظريات المؤامرة، إذ كانت هناك العديد من الادعاءات بأنها يمكن أن تسبب كوارث طبيعية،

ردًّا على ذلك، يقول بوب مكوي، مدير المعهد الجيوفيزيائي بجامعة ألاسكا فيربانكس، التي تدير هارب: “لا شيء من هذا ممكن”.

مضيفا أن هارب “ليس سلاحاً، ولا يمكن أن يكون كذلك“.

كما أوضح “مكوي” أن الطريقة التي تعمل بها أجهزة الراديو عالية التردد هي أن الغلاف الجوي شفاف بالنسبة لتلك الإشارات. إذا جعلنا هذا أكبر بعشر مرات وحاولنا، فلن نتمكن من التأثير على الطقس.

إما عن تأثير موجات هارب على العقول، قال مكوي إن “الإشارات الكهربائية في العقل ذات تردد منخفض جدًا.

أما هارب فهو ذو تردد كبير جدًا، ويبلغ طول الأمواج أمتارًا. لذلك لا توجد طريقة يمكنهم من خلالها السيطرة على العقول”.

كما يؤكد القائمون على المشروع أن علم الأعصاب هو مجال دراسة معقد يقوم به متخصصون في المجال الطبي، وليس العلماء والباحثين في هارب.

علاوة على ذلك، عندما نقلت القوات الجوية إدارة وتشغيل المنشأة إلى جامعة ألاسكا في عام 2015،

قررت الجامعة أن تبدأ تقليدًا يتمثل في فتح الأبواب لبيت مفتوح سنوي، على أمل تهدئة نظريات المؤامرة.

وفي 25 أغسطس 2016، حضر حوالي 260 شخصًا، بما في ذلك سكان غاكونا المحليون وعائلات العسكريين من أنكوريج وطاقم تصوير ياباني.

فيما كان المرفق في معظمه مفتوحًا على مصراعيه، وكان بإمكان الزوار التجول عبر مجموعة الهوائيات، وطرح الأسئلة على الموظفين هناك.

كما قالت المتحدثة باسم المعهد الذي يدير هارب حينها أن الهدف من هذه الزيارات هو تمكين الناس من رؤية الجانب العلمي الفعلي للمشروع،

وأن يظهر للناس أنه غير قادر على التحكم في العقل وغير قادر على التحكم في الطقس وكل الأشياء الأخرى التي اتهم بها.

النتيجة: زائف، لا يوجد طريقة يمكن لمشروع هارب من خلالها التحكم بالعقل البشري أو  إحداث كوارث طبيعية.

هل يمكن لهارب احداث تغييرات في الطقس أو التسبب بزلازل أو أعاصير؟

أوضح علماء هارب أن طبقة الأيونوسفير أعلى بكثير من طبقة التروبوسفير والستراتوسفير حيث يحدث طقس الأرض فعليًا،

وكما هو الحال بالنسبة لأي تأثيرات أخرى، ذكر علماء هارب أن كمية الطاقة التي يودعها IRI في طبقة الأيونوسفير أقل بكثير من تلك التي يتم توفيرها بشكل طبيعي بواسطة الشمس، وأن أي تأثيرات من IRI تتبدد بسرعة.

فيما أضاف البروفيسور فريد مينك، الخبير في الغلاف الأيوني والغلاف المغناطيسي للأرض من جامعة نيوكاسل،

“تهتم الإرسالات الراديوية ذات التردد العالي بالتفاعل مع الجسيمات المتأينة – الإلكترونات – في طبقة الأيونوسفير،

على ارتفاع يزيد عن 100 كيلومتر. أما الطقس على مستوى الأرض فهو مدفوع بالتأثيرات الجيوفيزيائية،

ومعظمها التسخين الشمسي في الغلاف الجوي المحايد الأقرب بكثير من الأرض”

مبينًا أن “هناك عدد كبير من أجهزة إرسال التردد العالي على مستوى العالم والتي توجه إشارات متوسطة أو عالية الطاقة إلى طبقة الأيونوسفير، وتستخدم هذه للبث الإذاعي بعيد المدى ولأغراض أخرى مثل المراقبة (الرادارات) ومراقبة حالة الغلاف الأيوني”.

بينما أكد أنه “لا توجد إمكانية لتأثير أي من هذا على الطقس اليومي”.

مضيفًا إن معظم الأحوال الجوية التي تحدث على سطح الأرض تحدث في طبقة التروبوسفير والستراتوسفير، على ارتفاع يصل إلى حوالي 15 كيلومترا، وهذا أقل بكثير من الحد الأدنى لارتفاع الأيونوسفير.

إذ يوجد الغلاف الأيوني في عدة نطاقات، والتي تتغير ويتغير حجمها اعتمادًا على مجموعة متنوعة من العوامل. يبدأ النطاق الأدنى على ارتفاع 60-70 كم تقريبًا ويصل إلى 500 كم

وبحسب ما أوضح البروفيسور بروس وارد، الباحث في الغلاف الأيوني في جامعة أديلايد،

“لكي يكون هناك أي تأثير على الطقس، يجب أن تكون هناك بعض الظواهر الفيزيائية التي تنقل الطاقة إلى الغلاف الجوي السفلي بطريقة غير خطية إلى حد كبير (أي تضخيمها بشكل هائل)”.

مؤكدًا إن الادعاءات بأن سخانات الغلاف الأيوني مثل هارب يمكنها تعديل الطقس “يتم دفعها من قبل أشخاص ليس لديهم أي فهم على الإطلاق للفيزياء المشاركة في دوران الغلاف الجوي وأنظمة الطقس”.

كذلك، قالت جيسيكا ماثيوز، مديرة برنامج “هارب” في جامعة ألاسكا فيربانكس، للعديد من وكالات الأنباء هنـا وهنـا،

إن “معدات البحث في موقع “هارب” لا يمكنها إحداث أو تضخيم الكوارث الطبيعية.”

كما أضاف خبراء، أن “هارب” هو جهاز إرسال لاسلكي أكبر من معظم أجهزة الإرسال الراديوية الأخرى، وليس من الممكن نظريًا أن يتسبب في حدوث زلازل.

إذ أن موجات راديو “هارب” تشبه محطة البث الإذاعي القوية AM، و ”لا توجد آلية معروفة من قبل الذي يمكن أن يتسبب بث إذاعي AM في حدوث زلزال “.

علاوة على ذلك، فإن الترددات الراديوية التي ينقلها هارب “لا يتم امتصاصها في طبقة التروبوسفير أو الستراتوسفير – وهما مستويا الغلاف الجوي اللذان ينتجان طقس الأرض”.

النتيجة: زائف، لا يمكن لمشروع هارب إحداث كوارث طبيعية أو التسبب بالزلازل.

الموجات المنقولة عبر مشروع هارب لا تسبب السرطان

يعمل جهاز إرسال HAARP HF بأقصى طاقة متاحة تبلغ 3.6 ميجاوات، ويتم من خلاله نقل موجات الكهرومغناطيسية عالية الطاقة (EM)، وموجات ذات تردد منخفض (ELF

إلا أنه وفقا لـ المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة، لم يتم تحديد أي آلية من خلالها يمكن للمجالات ELF-EMFs أو إشعاع الترددات الراديوية أن تسبب السرطان.

على عكس الإشعاع عالي الطاقة (المؤين)، لا يمكن للمجالات الكهرومغناطيسية الموجودة في الجزء غير المؤين من الطيف الكهرومغناطيسي أن تلحق الضرر بالحمض النووي أو الخلايا بشكل مباشر.

كما تقول جامعة ألاسكا إن تصميم جهاز إرسال التردد العالي ومجموعة الهوائيات يوافق معايير الصحة والسلامة،

ولا توجد مناطق داخل الموقع أو خارجه يتجاوز فيها المجال الكهرومغناطيسي معايير السلامة للتعرض على النحو الذي يحدده المعهد الأمريكي للمعايير الوطنية ومعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات IEEE/ANSI C95.1-1992.

يذكر أن فريق فتبينوا وسبق وأن تحقق من العديد من الادعاءات المتعلقة بمشروع هارب، والتي يمكن الاطلاع عليها هنـا.

تقييم فتبينوا: بناء على ما سبق، قررت منصة فتبينوا تصنيف الادعاء على أنه زائف، لأنه روج لمعلومات غير صحيحة متعلقة بمشروع هارب.