هل نحن بالفعل نستخدم ما مقداره 10% فقط من طاقة دماغنا؟!

آخر المقالات

أفعالنا وأفكارنا وأحلامنا وما نعتقده عن الآخرين وما نقوله وما نُخطىء في قوله ووعينا بما حولنا وبأنفسنا

كُلُّها أشياء يقوم بها عقلنا، هي وظيفة ذاك العضو الذي يُعتبر أكثر شيء تعقيدًا في الكون

ومع ذلك لا يزال قاصرًا عن فهم تعقيد ذاته، إذ أن قوانينه وقواعده لا تزال غير مفهومة لنا بشكل كامل

ومع ذلك فإن فهم أساس عمله يعتمد على عمله كوحدة واحدة مُنظَّمة مُتصلة ببعضها.

يا لها من فكرة جذَّابة! أنّ سيمفونيَّة براغ لموزارت ولوحة ليلة النجوم لفان غو وأنَّا كارنينا والحرب والسلام لتلستوي

كُلًّها نتجت من استخدام 10%من قدرة الدماغ! فلنتخيَّل ما يُمكن للعقل البشريّ أن يُنجزه لو فتح الـ90% الباقيَّة!

فلنتخيَّل عظمة العُمران وألغاز الكون التي سنكون قد وصلنا إليها! ماذا عن القدرات الخارقة؟ تحريك الأشياء عن بعد والتحكُّم بأسواق البورصة؟ يبدو عالمًا خياليًّا مغريًّا، أليس كذلك؟

للأسف، ككل المعلومات العلميَّة الكاذبة، بهرجة الفكرة وشيوعها لا يدلان على صحَّتها، ليصفها العديد من علماء الأعصاب بالنُكتة لو لم تكن شائعة كل هذا الشيوع!

نُسِبت هذه المقولة للعديدين، منهم ألبرت آينشتاين وغيره، ولكن من المُرجَّح أن يعود أصلها للطبيب النفسيّ ويليام جيمس في كتابه “‘طاقات الإنسان،”

والذي استنتج فيه جيمس، في تسعينيَّات القرن التاسع عشر، أنّ الناس يستخدمون جزء بسيط من قدرتهم العقليَّة الكاملة،

وبعدها تتالت الكُتب التي أضافت نسبة خاطئة لهذه الجملة كتأكيد على صحَّتها، مما ساهم في انتشارها بشكل هائل خلال القرن الماضي.

الحقيقة

أنت تستخدم كل جزء من دماغك، وجزء كبير منه يعمل في نفس الوقت معظم الوقت دماغك يعمل كوحدة واحدة سواء أكنت تستمع للموسيقى أو تمشي أو تقرأ هذا المقال أو حتى كنت نائمًا،

ولنفهم ذلك فلنتكلَّم عن هذا العضو المُذهل قليلًا.

يبلغ وزن الدماغ حوالي اثنين كيلوغرام ونصف وبذلك يُمثِّل 3% من وزن الجسم ويستقبل لوحده 20% من طاقته

(نعم الرقم صحيح، 20% من كل الطاقة الناتجة في جسمنا تتجه إليه!) مُتمثِّلًا بجزءه الأكبر؛ المُخ

الذي يلعب دورًا مهمًّا في كل وظائفنا الإدراكيَّة العليا مثل الذاكرة والإدراك الحسِّي والانتباه والتفكير والوعي،

ومن ثمَّ المُخيخ المسؤول عن التنسيق الحركي والتوازن، وجذع الدماغ المسؤول بشكل أساسيّ عن أهم وظائفنا الحيويَّة مثل التنفس

وبذلك فإن دماغنا يقوم بوظائف نكون واعيين بها وأخرى لا نكون واعيين بها، مثل قيادة السيارة وتنظيم النشاط القلبي على التوالي.

ومع أنّه ما من حالة يعمل فيها الدماغ كاملًا في نفس الوقت، إلا أن أجزاء الدماغ ليست معزولة عن بعضها بل تتصل وتتفاعل معًا

فتنسيق حركتك أثناء سيرك من سيارتك لباب بيتك وحملك للجهاز الذي تقرأ هذا المقال عليه وحتَّى تنسيق حركة عينيك لتقرأ هذه الكلمات بانسياب

كلها تتم من خلال تنسيق دقيق بين عدَّة مناطق في دماغك وظائفها معًا.


أجزاء الدماغ الأساسيَّة

 

فلنأخذ مثلًا مهمَّة مثل حاجتك لأن ترفع ساقك عن الأرض وتخطو بها خطوة واحدة للأمام والتي تتمثَّل بوضعها في مكان آخر

هنا تعمل مناطق مختلفة في جميع أجزاء دماغك مُتَّصلة معًا لتقوم بهذه العمليَّة

أولًا على عينيك أن تريا المكان الذي ستضع قدمك فيه كخطوة بديهيَّة، وبها نكون قد استخدمنا المسار العصبيّ البصريّ كاملًا

والذي يمتد من الشبكيَّة في العين وحتى القشرة الدماغيَّة البصريَّة في الفُصين القذاليين (occipital lobes) في مؤخِّرة رأسك، بالإضافة لكل المناطق التي ستعمل لتُحدِّد موقع ساقك قبل أن تُحرِّكها

وأخرى تُنسِّق موقعها مع باقي أجزاء جسمك وواحدة تُحدِّد اتجاه الحركة وواحدة تحسب الموقع الذي ستقع عليه ساقك عندما تصل الأرض

ولنقوم بهذه المهمَّة البسيطة والبدائيَّة

قُمنا بتشغيل الفص القذالي والفُصيِّن الجداريين (paraietal lobes) والقشرتين الحركيَّة الحِسيَّة والحسيَّة الحركيَّة والعُقَدُ القاعِدِيَّة (basal ganglia) والمُخيخ والفُصيِّن الأماميين

في هذه الثواني التي تحرَّكت بها ساقك مرَّ نشاط عصبي في معظم مناطق دماغك ممثلة ما هو أكثر من 10% منه بالتأكيد.

 


المسار العصبي البصريّ

كيف عرفنا كل ذلك

أولًا، فلنقي نظرة على التطوُّر الذي حصل في السنوات الأولى من القرن الواحد والعشرين على وسائل التصوير العصبيّ

أحدث التصوير بالرنين المغناطيسيّ والتصوير المحوري المقطعي ثورة في علم التصوير الإشعاعي والطب التشخيصيّ بشكل عام

ولكنها أيضًا مكنتنا من أن نرى داخل الدماغ وهو يعمل! أصبح بإمكاننا أن نرى النشاط العصبي يمر لحظيًّا في مناطق الدماغ تباعًا!

سبب آخر يجعلنا نعرف أن دماغنا يعمل كوحدة واحدة مُتصلة هو أثر الأمراض العصبيَّة عليه

مثلًا السكتة الدماغية التي تنتج من انسداد وعاد دموي يُغذي منطقة مُعيَّنة في الدماغ مما يتسبب في تلفها، والذي ينتج عنه خلل في وظيفة الجزء المُصاب

ونرى بهذا أنَّه ما من جزء “غير مُفيد” في الدماغ يُمكن التخلُّص منه دون حدوث خلل عصبي أو عقلي عنه.

تخيَّلوا معي إن كُنَّا حقًا لا نستخدم 90% من الدماغ، ألن يكون سهلًا التخلُّص من هذه الأجزاء التي لا تمتلك وظيفة حيويَّة ضروريَّة؟

تخيَّل الأمراض التي كان يُمكن شفائها دون التأثير على حياة المريض وهي كثيرة تمتد من أمراض الصرع وحتى أورام الدماغ باستئصال الجزء المُصاب فقط!

نهايةً

بالرغم من أنَّ الدماغ لا يعمل كاملًا معًا في نفس الوقت، كما لا تعمل عضلاتك كُلُّها معًا في نفس الوقت

إلا أننا نستطيع أن نقول أنَّنا نستخدم 100% من دماغنا على مدار يوم كامل

وإن كان هُناك شيء يُمكن أن نقول عنه غير مُكتمل فهو فهمنا لمُعظم ما يجري في هذا العضو المُذهل الذي يُمثِّل سر الوعي البشري، واحد من أعظم ألغاز في الكون التي لا زلنا نحاول فهمها حتَّى الآن.

مصدر1

مصدر2

مصدر3

1 تعليق واحد. Leave new

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.

اقرأ أيضاً