“الأرز البلاستيكي” وما يشاع عنه بين الحقيقة والخرافة

آخر المقالات

رأي
يعتبر الأرز من أهم مصادر الطاقة التي يتم الاعتماد عليها في الغذاء، ليس فقط في بلدان آسيا، بل ومؤخرا في جميع أرجاء العالم، وعليه، ازدهرت تجارته مؤخرا على المستوى الدولي.

أهم مصدري الأرز في العالم:

تعتبر الدول الآسيوية من أهم مُصدّري الأرز إلى جميع أنحاء العالم، وكأي سلعة أخرى يخضع الأرز لمجموعة من معايير ومقاييس السلامة الغذائية.

البداية:

– في عام 2010، فتحت حادثة “أرز ووتشان” المجال لواحدة من أكثر القضايا نقاشا في مجال السلامة الغذائية في العشرية السابقة.

حيث أغلقت الصين 16 ورشة لبيع الأرز بعد اكتشافها أن هذه الأخيرة تقوم ببيع الأرز الأقل جودة على أساس أنه أرز عالي الجودة بعد معالجته ببعض المنكهات والملونات، و كان هنا مولد مصطلح “الأرز المزيف”(1).

صورة من موقع CHINADAILY

– وفي عام 2011 كتبت صحيفة The Korea Times نقلا عن بعض وسائل الإعلام السنغافورية أن الصين تقوم بتصدير أرز مزيف مكون من مزيج من البطاطا، البطاطا الحلوة ومادة صمغية مستخلصة من البلاستيك الصناعي، و أن تناول ثلاثة أطباق من هذا الأرز يعادل تناول كيس بلاستيكي، فأطلق هنا مصطلح “الأرز البلاستيكي”. (2)

صورة من موقع The korea Times

أحدث الأمر ضوضاء كبيرة، و انتشر الخبر كالنار في الهشيم عبر مختلف الوسائل الإعلامية المكتوبة منها والمسموعة والمرئية. رافقها اشتعال وسائل التواصل الاجتماعي بالخبر.

موقف هيئة السلامة والغذاء للاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية:

– ولأن الأمر جاد فعلا، سارعت هيئة السلامة والغذاء للاتحاد الأوروبي عام 2010 إلى إنشاء شبكة تواصل بين الدول الأعضاء وبعض الدول الأخرى غير الأعضاء لتبادل المعلومات حول خطر انتشار “الأرز البلاستيكي”.

تلتها في ذلك منظمة الصحة العالمية (WHO) في إنشاء شبكة عالمية للسلامة والغذاء (INFOSAN) ضمت نظيرتها الأوروبية والأمريكية ومعظم دول العالم، الواحدة تلو الأخرى، بما في ذلك الصين.

– عملت الشبكة على وضع مراكز لجمع المعلومات حول “أرز البلاستيك” في جميع مناطق العالم للتحقق من صحة الادعاءات المزعومة.

– استمرت INFOSAN في نشر تقارير سنوية حول الوضعية منذ إنشائها في 2012 مؤكدة خلو كل العينات المفحوصة في مراكزها حول الدول الأعضاء من الأرز المصنوع من مزيج البطاطا والمادة الصمغية البلاستيكية حتى عام 2015، وكان هذا آخر تقرير تطرق للموضوع. (3)

الإعلام ومصطلح “الأرز البلاستيكي”:

– في أواخر عام 2016 أجهضت الجمارك النيجيرية محاولة تهريب 2.5 طن من الأرز الذي وصفته BBC “بالأرز البلاستيكي”(4) مستعملة بذلك المصطلح الذي فرض نفسه منذ انطلاقه عام 2011.

صورة من موقع الـ BBC

– وتبعتها في ذلك الـCNN الإخبارية (5)، و قد كانت هذه الحادثة بمثابة انفجار للوسائل الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي العالمية والعربية بمختلف التقارير التي تم تناقلها بسرعة هائلة.

صورة من موقع الـ CNN

الإشاعة والحقيقة حول “الأرز البلاستيكي”:

– خلال هذا التناقل السريع حدثت العديد من الطفرات التي حولت الخبر عن سياقه وأدت إلى ظهور عدة إشاعات لعل من أبرزها فيديوهات لورشات إعادة تدوير البلاستيك (6) (7) والعديد من الفيديوهات الأخرى عن كيفية التحقق من “الأرز البلاستيكي” في المنزل والكثير الكثير من الادعاءات التي لا تستند إلى أي دليل علمي ملموس، والتي لم تسلم منها تقريبا أي دولة في العالم.

– وقد أكدت السلطات النيجيرية بعد إجراء التحليلات أنه مجرد أرز عادي، رديء الجودة وغير صالح للاستهلاك لاحتوائه على كمية كبيرة من البكتيريا، ولا وجود لأثر البلاستيك فيه ولا لأي مادة كيميائية أخرى(8)،

صورة من موقع الـ BBC

تلتها في ذلك نظيرتها الغانية بعد تحديها للإشاعة وإجراء كمية كبيرة من التحليلات لتخلص في النهاية إلى نفس الاستنتاج(9). وكذلك الحال في الدول الإفريقية الأخرى ودول آسيا.

صورة من موقع citifmonline
– بفعل انتشار الإشاعة في الوطن العربي أيضا، سارعت هيئات الغذاء والدواء في مختلف الدول العربية إلى تفنيد الإشاعة وطمأنة المستهلك أن الأرز صالح للاستهلاك.

ملاحظات اللجنة الأوروبية:

لكن بعد كل هذا، نشرت اللجنة الأوروبية (European Commission) في أواخر 2017 تقريرا لخصت فيه حال قضية “الأرز البلاستيكي”، مبنيًّا حول المعلومات المنشورة في الشبكة INFOSAN

وأوضحت أنّ هناك الكثير من الملاحظات حول غياب أجوبة من مركز جمع المعلومات في الصين وحول الطرق المتبعة في إنجاز التحليلات في غانا (3)، ما يجعل السؤال حول هل حقا “الأرز البلاستيكي” هو مزيج من البطاطا الحلوة ومادة صمغية بلاستيكية؟ سؤال يطرح نفسه بإلحاح!.

تصريحات البروفيسور “كريس إيليوت” (Christopher Elliot):

– البروفيسور “كريس إيليوت” (Christopher Elliot) في جامعة كوينز البريطانية، مؤسس ومدير معهد الأمن الغذائي العالمي ( Institue for Global Food Security) (10) في حوار له مؤخرا مع موقع “Food Safety News”

أجاب مباشرة عن هذا السؤال قائلا: أنه بناءً على خبرته وأبحاثه في مجال السلامة الغذائية ومجال الغش في الأغذية وخاصة الأرز، وبحكم قضائه وقتًا طويلًا يتحرى حقيقة الأمر في بلدان آسيا وإفريقيا حيث كانت الشائعات أكثر انتشارًا، صرح أن ما يسمى بـ “الأرز البلاستيكي” هو عبارة عن أرز تم تخزينه لمدة طويلة جدا في ظروف سيئة إلى درجة التلف.

ولكن التجار عديمي الضمير قاموا بإزالة العفن عنه، ولكي يبدو أرزًا عاديًّا قاموا بمعالجته بمادة صمغية وهي عبارة عن “شمع البارافين” مما أدى إلى تغير خصائصه الحسية والمذاقية قبل وبعد الطبخ، وبالتالي تم تسميته ب”الأرز البلاستيكي”. (11)

صورة من موقع qub

صورة من موقع foodsafetynews

و يؤكد البروفيسور أنّ الدول النامية في شرق آسيا وغرب إفريقيا هي الأكثر تضررًا من أنواع الغش في الغذاء عموما و الأرز خصوصا بسبب ضعف الأجهزة الرقابية مقارنة بدول أوروبا وشمال أمريكا. (12)،

صورة من موقع thegrocer ولهذا الغرض يقوم مع فريق عمله بتطوير تقنية تسمح لكل مطبخ في العالم باستخدام الهاتف الذكي لمعايرة الأرز والتأكد من جودته والسماح بجمع المعلومات للحصول على إحصائيات أكثر دقة عن طبيعة الأرز المتناول حول أرجاء العالم. (13) (11).

صورة من موقع sciencedirect

المصادر

مصدر1

مصدر2

مصدر3

مصدر4

مصدر5

مصدر6

مصدر7

مصدر8

مصدر9

مصدر10

مصدر11

مصدر12

مصدر13

3 تعليقات. Leave new

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.