هذه القصة زائفة، وأول سفير فرنسي في عاصمة الكونغو الديمقراطية كينشاسا لم يتم اغتياله

هذه القصة زائفة و أول سفير فرنسي في الكونغو الديمقراطية لم يتم اغتياله
آخر المقالات

تحت عنوان “حادثة أكل السفير الفرنسي” ، انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي قصة يزعم ناشروها أن مجموعة من آكلي لحوم البشر في الكونغو ذبحوا أول سفير فرنسي عُيّن في العاصمة كينشاسا بعد مرور عام واحد على تعيينه ثم أكلوه.

وفي أعقاب احتجاج فرنسا على الحادث المزعوم ومطالبتها بتعويض اعتذرت حكومة الكونغو واقترحت أكل سفيرها في فرنسا عوضا عنه.

فما حقيقة هذه القصة؟

الإدّعاء

نص ادعاء “مقتل أول سفير فرنسي في الكونغو وأكل لحمه ..”

نشرت الادعاء صفحة الفايسبوك المسماة “أبواب المحروسة «موسوعة مصرية»” بتاريخ 22 ماي 2021 ،وجاء وفق النص الآتي (دون تصرف) :

” هى قصة حقيقه حدثت بالفعل وتعتبر من اغرب الحوادث

ونقول الحكايه

حادثة أكل السفير الفرنسي

بعد إستقلال الكونغو عن فرنسا .. أرسلت فرنسا سفيرا لها يمثلها في كينشاسا / عاصمة الكونغو

بعد عام على تعينه وفي أحد أيام العطل الرسمية ، خرج السفير الفرنسي للنزهة والصيد .. وبين غابات الكونغو الجميلة رأى من بعيد أناس متجمهرين ..

فظنهم تجمعوا لإستقباله .. لكن الحقيقة ان هذا التجمع كان لقبيلة من آكلي لحوم البشر !!

فألقي القبض عليه .. وتم ذبحه وطبخه ثم تجمع عليه عدد من رجال القبيلة وأكلوه ..!

احتجت فرنسا بشدة على هذا الحدث المروع “أكل سفيرها” ، وأرسلت إحتجاجا شديد اللهجة وطالبت الكونغو بتعويض يقدر بمئات الملايين لأسرة الضحية

فاجتمع رئيس الكونغو بحكومته وتشاور معهم حول قدرة الدولة على دفع مبلغ التعويض ؟

إلا أن رد وزير المالية كان : خزينة الدولة لا تملك هذا المبلغ !

انتهى الاجتماع ووجهت دولة الكونغو رسالة لفرنسا هذا نصها :

“تأسف الحكومة الكونغية على حادثة أكل سعادة سفيركم ، و لأن دولتنا لا تملك الثروات ،

و تعجز عن دفع المبلغ الذي طلبتموه ، فنقترح عليكم أكل سفيرنا لديكم” .. واقبلوا فائق الاحترام..”

قصة مقتل أول سفير عينته فرنسا في الكونغو زائفة

حقق الادعاء زهاء 121 مشاركة و 490 تفاعل حتى تاريخ نشر هذا المقال، وتداولته العديد من الصفحات والمجموعات في فايسبوك خلال العام الجاري، ومنها:

Historical secrets_”أسرار تاريخيه   – علاء ميكانومعلومات من ذهبوردخاني _ Wordkhanyمزاحم علوشطيباوي احمد امعمرد. ميسم فياضحـــــاجات ومحتاجـــــات – Mohammed Ashraf في مجموعة ماسبيرو زمان ..

وأيضًا في عام 2020:

أبواب المحروسة «موسوعة مصرية» – عزو العقيلي في مجموعة مثقّفون–  عزه فتحي – Patchika Zaki في مجموعة السر وقانون الجذبروائع القلمد.حلمى الفقىمحمد أمين ..

الادعاء متداول أيضا في صيغة فيديو

 نُشر الادعاء نفسه في شكل مقطع صوتي تناقلته العديد من الصفحات، ومنها الصفحة الموثقة Jbc newsKhaled Aiedصالح صالحعلي مصطفى الغبان ..

ادعاء اغتيال أول سفير فرنسي في الكونغو الديمقراطية زائف

وذلك على غرار العديد من المغردين في تويتر ومنهم:

بعد البحث والتدقيق في مدى صحة الادعاء تبين الآتي:

النتيجة: زائف

الكونغو الديمقراطية نالت استقلالها عن بلجيكا وليس فرنسا

حصلت الكونغو على استقلالها عن بلجيكا في 30 يونيو 1960 تحت اسم جمهورية الكونغو (ليوبولدفيل)، بعدما كانت تعرف باسم الكونغو البلجيكية،

ويطلق عليها أيضا اسم (الكونغو كينشاسا) نسبة إلى عاصمتها كينشاسا ولتمييزها عن جمهورية الكونغو الأخرى المتواجدة غربها،

وكانت تسمى بجمهورية زائير من عام 1971 إلى عام 1997، ثم أعيدت تسميتها إلى “جمهورية الكونغو الديمقراطية” عام 1997.

جمهورية الكونغو الديمقراطية خريطة                                                       خريطة الكونغو الديمقراطية – موسوعة بريطانيكا 

من أول سفير فرنسي عُين في الكونغو الديمقراطية ؟

كشفت لائحة السفراء الفرنسيين الذين سبق تعيينهم في جمهورية الكونغو الديمقراطية ، أن السفيربيير ألبير شغبونييه”  Pierre-Albert Charpentier

هو أول سفير فرنسي معتمد في هذا البلد خلال الفترة الممتدة بين 1960 و 1962 وتحديدا في العاصمة كينشاسا ،

وقد تقلد بعد ذلك “بيير ألبير شغبونييه” منصب سفير فرنسا في وارسو عاصمة بولندا بين عامي 1962 و 1966،

أما وفاته فكانت عام 1968، أي أنه قضى مهامه الديبلوماسية في العاصمة الكونغولية لمدة سنتين، وعُين بعد ذلك سفيرا لبلده في بولندا لمدة أربع سنوات،

ثم توفي عن عمر ناهز 64 عاما، مما يثبت زيف الادعاء.

وبالمقابل، فإن الديبلوماسي “جان فان دن بوش” هو أول سفير بلجيكي عُين في كينشاسا بالكونغو الديمقراطية بعد استقلالها، وقد استمرت مهامه فيها إلى غاية 30 يناير 1962، فيما كانت وفاته في 15 ديسمبر 1985.

هل سبق اغتيال سفير فرنسي في الكونغو الديمقراطية منذ استقلالها ؟

قتل السفير الفرنسي في زائير سابقا (الكونغو الديمقراطية) “فيليب برنارد Philippe Bernard في 28 يناير 1993،

في مبنى السفارة الفرنسية  في كينشاسا بثلاث رصاصات في القلب أطلقت خلال اشتباك بين جنود موالين وجنود متمردين يقاتلون ضد رئيس البلاد آنذاك “موبوتو”.

كشفت تحقيقات رجال الدرك حول ملابسات وفاته أن الطلقات النارية التي وجهت إلى السفارة في خضم واقعة إطلاق النار

جرت باستخدام العديد من الأسلحة الأوتوماتيكية دون أن تكون عملاً متعمدًا ذي دلالة سياسية يستهدفه بصفته دبلوماسيًا.

بناء على ذلك يتبين أن السفير الفرنسي الوحيد الذي اغتيل في كينشاسا كان بسبب إطلاق الرصاص خلال اشتباكات بين الحكومة ومتمردين عام 1993 ،

ولا علاقة للحادث بآكلي لحوم البشر ، كما أنه وقع بعد استقلال الكونغو الديمقراطية بما يناهز 33 سنة.

هل الصورة المرفقة بقصة الادعاء تظهر آكلي لحوم البشر في الكونغو الديمقراطية ؟

أرشد البحث العكسي عن الصورة في محرك جوجل إلى نتائج متطابقة، أكدت أنها تُظهر رجال الأزاندي مع الدروع والقيثارة ، بين عامي 1877 و 1880 م.

وأفادت أن مصدر الصورة يعود إلى متحف “بيت ريفرز” في جنوب السودان ، والتقطها المصور ” Richard Buchta ريتشارد بوكتا “،

وأشارت موسوعة ويكيبديا إلى أن الصورة متاحة للتداول العام عقب مرور أزيد من 70 سنة على وفاة صاحبها.

الكونغو الديمقراطية لم تستقل عن فرنسا بل بلجيكا                                            صورة شاشة التقطت بتاريخ 22 يونيو 2021 – ويكيبيديا

ومن خلال تعميق البحث في السيرة الذاتية لهذا المصور، يتبين أنه نمساوي وصل الخرطوم عام 1877، والتقط صوره بشكل أساسي في جنوب السودان على طول نهر النيل الأبيض حتى شمال أوغندا اليوم،

وذلك خلال رحلاته لاستكشاف السودان المصري، ولم يثبت أنه وصل إلى أراضي الكونغو الديمقراطية أو التقط فيها صورا علما أنها كانت تحت الإدارة البلجيكية آنذاك.

وفي السياق نفسه، ذكر المؤرخكريستوفر مورتون” أن هذه الصورة التقطت في جنوب السودان وتحديدا عام 1879.

الصورة لا علاقة لها تظهر آكلي لحوم البشر في الكونغو الديمقراطية                                          صورة شاشة التقطت بتاريخ 20 يونيو 2021 – موقع Academia

جدير بالذكر أن شعب الأزاندي يعيش بشكل أساسي في الجزء الشمالي الشرقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية ، وفي الجزء الجنوبي الأوسط والجنوب الغربي من جنوب السودان ، و أيضا في جنوب شرق جمهورية إفريقيا الوسطى،

وكان يُعتقد سابقًا أنهم أكلة لحوم البشر ، ويشار إليهم أحيانًا باسم Niam-Niam ، وفي عام 2001 ذهب آخرون إلى حد القول إن أكل لحوم البشر لا يمكن إثباته في حالة واحدة في إفريقيا ،

وغالبًا ما كان يستخدم هذا الوصف كأداة دعاية يوفر المعيار النهائي والعذر المثالي لإخضاع الشعوب المتهمة به.

وبناء على ما سبق، يتبين أن الصورة قديمة التقطت في نهاية القرن التاسع عشر ، وتظهر محاربين من شعب الأزاندي في جنوب السودان وليس الكونغو الديمقراطية .

تقييم فتبينوا:

استنادا إلى ما سلف، يتبين أن :

  • أول سفير معتمد من قبل فرنسا في الكونغو الديمقراطية بعد استقلالها أنهى مهامه الديبلوماسية خلال عامين من تاريخ تعيينه، ولم يتعرض للاغتيال خلال سنته الأولى ،

بل واصل عمله الديبلوماسي في بلد آخر ثم توفي عام 1968.

  • جمهورية الكونغو الديمقراطية حصلت على استقلالها عن بلجيكا وليس فرنسا .
  • صورة الادعاء التقطت في جنوب السودان ولا علاقة لها بالكونغو الديمقراطية .

لذا قررت منصة فتبينوا تصنيف الادعاء على أنه زائف تماما.

المصادر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.