علماء يحذرون من أن السبات الشمسي الحالي قد يهدد الحياة على الأرض – زائف جزئياً

السبات الشمسي يهدد الحياة على الأرض
آخر المقالات

يتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي والعديد من الوكالات الإخبارية خبرًا مفاده أن انخفاض النشاط الشمسي الحالي سيُعرّض الأرض إلى طقس شديد البرودة وتضرر الزراعة مما يؤدي إلى مجاعات بالإضافة إلى حصول الزلازل.

الادعاء

انتشر الادّعاء على نطاق واسع على وسائل التواصل، كما تداولته مواقع عدة، بصيغ مختلفة كان منها (بدون تصرف):

“علماء يثيرون مخاوف من دخول الشمس مرحلة “سبات كارثي” تهدد الحياة على الأرض
‏يقول علماء إن الشمس دخلت في إطار الحجب، ما قد يتسبب بتجمد الطقس والزلازل والمجاعة،
حيث تقع حالياً في فترة “الحد الأدنى للطاقة الشمسية”، ما يعني أن النشاط على سطحها انخفض”

وحاز المقطع على 740 ألف مشاهدة و11 ألف تفاعل وشاركه أكثر من 6100 شخصًا حتى وقت التحديث

السبات الشمسي يهدد الحياة على الأرض

إضافة إلى العديد من الوكالات الإعلامية هنا، وهنا، وهنا، وهنا، وهنا، وهنا

بعد مراجعة الفريق لمضمون الادعاء تبيّن ما يلي:

زائف جزئيا

الخبر المنتشر بكثرة حول ما قد يصاحب انخفاض النشاط الشمسي الحالي من مخاطر وكوارث غير صحيح، حسبما أكدت وكالة ناسا ومركز الفلك الدولي.

ما هي قصّة الادّعاء؟

انتشر الادعاء من قبل، وقد كان الناشر الأول للادعاء هو صحيفة THE SUN التي استشهدت بها معظم الوكالات الإخبارية العربية مثل روسيا اليوم ووكالة الأنباء الجزائرية.

اعتمدت الصحيفة البريطانية في مقالها على كلام الباحثة بجامعة نورثمبريا، فالنتينا زاركوفا.

لاقى المقال انتقادا كبيرًا، باعتباره قد ارتكز على كلام الباحثة التي خالف كلامها جمهور العلماء، 

قامت بعد ذلك الصحيفة البريطانية بتحديث المقال وقد أدرجت فيه تغييرات جذرية،

فنفت فيها الفرضية القائلة إنّ الأرض ستدخل “العصر الجليدي المصغر” لمدة 30 عامًا،

وأوضحت أنّ المقال السابق فيه معلومات تحتاج إلى تصحيح وأنّ كلام الباحثة يحتاج إلى تأكيد من باقي العلماء،

نشرت بعدها وكالة ناسا ردًّا رسميًّا حول القضية في موقعها، موضحة أن الفكرة غير صحيحة، بينما أدى تصحيح الورقة البحثية للباحثة فالنتينا زاركوفا إلى سحبها بسبب احتوائها على أخطاء علمية تم توضيحها هنا.

غير أنّ المقالات المتناقلة في المحتوى العربي استمرّت في نشر المعلومة من دون تحديثها للأسف (راجع هنا).

عودة الادعاء إلى الظهور!

أعادت صحيفتا THE NY POST و THE SUN نشر ادعاء مشابه له ينص على أن السّبات الشمسي الذي تمر به الأرض حاليًّا سيتسبب في تعرّض الأرض إلى طقس شديد البرودة وتضرّر الزراعة مما يؤدي إلى مجاعات بالإضافة إلى حصول الزلازل.

وقد نقل عنها ذلك عدد من المواقع الإخبارية مثل العربي الجديد، ستب نيوز، روسيا اليوم، سباتنيك، العربية، صحيفة الرؤية، وسكاي نيوز بالعربية على شكل مقال في موقعها وفيديوغرافيك في فيسبوك.

ارتكز الادعاء هذه المرّة على كلام الدكتور توني فيليبس، الذي بحسب الصحيفتين قال إنّ الخبر نقلته وكالة ناسا.

غير أن آخر ما صرحت به ناسا كان خلاف ذلك تمامًا، أي أنها قد نفت الخبر المزعوم (راجع هنا).

إضافة إلى أن الدكتور توني فيليبس قد نفى للفلكي م. ماجد أبو زاهرة الكلام المنسوب إليه بعد تواصله معه ليسأله عن الموضوع (راجع التعليقات هنا)

وصلني رد الدكتور توني فيليبس الذي ذكر اسمه في المقال بعد استفساري منه حول حقيقة ما نقل عنه:

Mostly NOT true. The sun is indeed experiencing a century-class solar minimum, but this will not cause earthquakes or famine. My quotes have been taken out of context by the NY Post and sensationalized far beyond their original meaning. Regards, Tony
في المقام الأول ليس صحيحًا، تعاني الشمس بالفعل من حدٍّ أدنى لنشاطها من فئة القرن، ولكن هذا لن يسبّب الزلازل أو المجاعة. اقتُبس كلامي وأُخرج عن السياق من قبل صحيفة نيويورك بوست وقد تغيّر كثيرًا المعنى الأصلي. مع خالص تحياتي، توني.
ليبقى بذلك الادعاء عاريًا من أي دليل يرتكز عليه، خصوصًا وأنّ أقوى أدلته قد دُحضت علميًّا من طرف مجلة Nature العلميّة (راجع هنا).
بناءً على ما سبق، قرّرت منصة فتبينوا تصنيف مجموع الادعاءات على أنّها زائفة جزئيًّا وليس زائفة لاحتوائها على بعض المعلومات العلميّة الصحيحة التي ذُكرت ضمن السياق.

النشاط الشمسي والمناخ:

موضوع المناخ معقّد جدًا لأنه لا يرتبط بعدة عوامل فقط، بل وهناك مؤثرات كثيرة عليه،

كطبيعة الغلاف الجوي ونسب غاز ثنائي أوكسيد الكربون والغازات الدفيئة التي تزيد من الاحتباس الحراري وحركة التيارات في المحيطات… إلخ

حتى نُقرّب لك الصورة ولِتتّضح الفكرة سنشرح بالتدريج التفاصيل المذكورة:

ما هي الدورة الشمسية؟

الشمس عبارة عن كرة ضخمة من البلازما تقريبًا ولا يكاد يوجد غاز،

إذ تتكوّن الشمس والنجوم من القليل جدًا من الهيدروجين والهليوم بالحالة الغازية.

والبلازما هي حالة رابعة من المادة تختلف عن الحالات التي نعرفها (الصلبة والسائلة والغازية)،

تحدث تلك الحالة في درجات الحرارة المرتفعة جدًا، حيث تتأيّن الذّرّات،

فتنفصل الإلكترونات عن الأنوية وتسبح حرّة معها، ويعطي ذلك الذرات صفات كهربائية ومغناطيسية خاصة جدًا.

السبات الشمسي دورة شمسية
صور للشمس خلال دورة شمسية واحدة بين عامي 1996 و 2006 :ناسا

 

بدوران الشمس حول نفسها، تولّد مجالًا مغناطيسيًا قويًّا وكل 11 عامًا تقريبًا ينقلب المجال المغناطيسي للشمس تمامًا،

بمعنى أن القطبين الشمالي والجنوبي للشمس يتبادلان مكانهما،

ثم يستغرق الأمر 11 عامًا آخر حتى يعود القطبان الشمالي والجنوبي للشمس مرة أخرى إلى مكانهما الأول وهكذا.

تؤثّر الدّورة الشّمسية على النشاط على سطح الشمس فتؤدي إلى ظهور البقع الشمسية التي تسبّبها المجالات المغناطيسية،

وهي بقع داكنة تظهر على سطح الشمس كون درجة حرارة هذه المناطق أقل من درجة حرارة سطح الشمس عمومًا

ومع تغيّر المجالات المغناطيسية، تتغيّر كمّيّة النشاط على سطح الشمس.

الدورة الشمسية:

من بين طرق تتبّع الدورة الشمسية طريقة تقوم على حساب عدد البُقع السّوداء على سطح الشمس،

ففي بداية الدورة الشّمسية يظهر على الشمس عدد قليل من البقع ومن ثَمَّ يزداد النشاط الشّمسي فيزداد عدد البقع الشمسية مع مرور السنين،

منتصف الدورة الشمسية هو ذُروة النّشاط الشّمسي أي عندما يظهر على الشمس عدد أكبر من البقع،

ومع انتهاء الدّورة ينخفض النّشاط الشّمسي ويقلّ عدد البقع الشمسية وتبدأ دورة جديدة.

أصدرت لجنة NOAA / NASA برئاسة مشتركة للتنبؤ بالدورة الشمسية 25، أحدث توقّعاتها للدورة الشمسية 25.

 

توقّعت اللجنة أنّ الدورة الشمسية (25) ستكون مشابهة جدًا للدورة الحالية (24) إذ سيكون حدّها الأقصى ضعيفًا إلى حد ما يُتوقع أن يكون في 2025، وليس متأخّرًا كما يتم الترويج له.
السبات الشمسي مسار الدورة الشمسية
بشكل عام لا يزال العلماء يتعلّمون كيفية التنبؤ بارتفاع وانخفاض النشاط الشمسي،
وتتراوح تقنيات التنبؤ من النماذج الفيزيائية إلى الأساليب الإحصائية.

ما علاقة المناخ بتغيّر النشاط الشمسي؟

في المخطط التالي يَظهر لنا كيف بدأت حرارة المناخ بالازدياد مع بداية خمسينيات القرن الماضي أي مع بداية ظهور الاحتباس الحراري،

وقد حصل ذلك باستمرار، من دون أي تأثير لانخفاض وارتفاع النشاط الشمسي عليه.

لذلك من غير المرجّح أن تكون الشمس قد تسبّبت بارتفاع أو انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة خلال نصف القرن الماضي.

السبات الشمسي مخطط درجات الحرارة

وبحسب ناسا فإن الانخفاض المفترض لدرجة الحرارة على سطح الأرض الذي قد يُسبّبه انخفاض النشاط الشمسي

-والذي يُقدّر ب 0,1 درجة مئوية- لن يكون له تأثير أمام الارتفاع الذي يُسببه الاحتباس الحراري الذي يُقدّر ارتفاعه ب 6 أضعاف الانخفاض المزعوم،

خاصة وأنّ الاحتباس الحراري يحصل بشكل مستمر، أي أنّ أثره في ارتفاع درجة حرارة الأرض مستمر الحدوث خلاف انخفاض النشاط الشمسي الذي له مدّة محدودة فقط،

فبحسب ناسا، حتى وإن دام أثر انخفاض النشاط الشمسي في تبريد الأرض 100 عام، فهو لن يتغلب على الارتفاع في درجة الحرارة الذي يسببه الاحتباس الحراري.

المصادر

مصدر 1
مصدر 2
مصدر 3
مصدر 4
مصدر 5
مصدر 6
مصدر 7
مصدر 8
مصدر 9
المصدر10
المصدر11
المصدر12
المصدر13
المصدر14

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.